فهذا مفهوم المعنى، فإن اعترض معترض فقال: فهلا فصل فقال: كأنه رطباً العناب وكأنه يابساً الحشف! قيل له: العربي الفصيح الفطن اللقن يرمي بالقول مفهوماً، ويرى ما بعد ذلك من التكرير عيا، قال الله جل وعز، وله المثل الأعلى:{وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} ٤، علماً بأن المخاطبين يعلمون٥ وقت السكون ووقت الاكتساب.
ومن تمثيل امرئ القيس العجيب قوله:
كأن عيون الوحش حول خبائنا ... وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب٦
ومن ذلك قوله:
إذا ما الثريا في السماء تعرضت ... تعرض أثناء الوشاح المفصل٧
١ ر: "والمحدثين": وما أثبته في الأصل, س. ٢ ساقطة من ر. ٣ الحشف البالي: ردئ النمر, قال شارح الديوان ٣٨: "وإنما خص قلوب الطير جاءت بقلوبها إلى أفراخها". ٤ سورة القصص. ٥ ر: "يعرفون". ٦ الجزع: خرز فيه بياض وسواد. شبه عيون الوحش لما فيهن من السواد والبياض بالخرز. وجعله غير مثقب, لأن ذلك أصفى له وأتم لحسنه. ٧ تعرضت: أي أرتك عرضها. أي ناحيتها, والوشاح المفصل: الذي جعل بين كل خرزتين فيه لؤلؤة. والأثناء: جمع ثنى.