ووقف رجل عليه مقطعات على الأحنف بن قيس يسبه - وكان عمرو بن الأهتم جعل له ألف درهم على أن يسفه الأحنف - فجعل لا يألوا أن يسبه سباً يغضب، والأحنف مطرق لا يكلمه١، فلما رآه لا يكلمه أقبل الرجل يعض إبهامه٢، ويقول: يا سوأتاه! والله ما يمنعه من جوابي إلا هواني عليه!.
وفعل ذلك آخر، فأمسك عنه الأحنف، فأكثر الرجل، إلى أن أراد الأحنف القيام للغداء؛ فأقبل على الرجل، فقال له: يا هذا! إن غداءنا قد حضر، فانهض بنا إليه إن شئت، فإنك مذ اليوم تحدر بجمل ثفال.
والثفال من الإبل: البطيء الثقي الذي لا يكاد ينبعث.
وعدت على الأحنف سقطة في هذا الباب، وهو أن عمرو بن الأهم دس عليه رجلاً ليسفهه. فقال له: يا أبا بحر٣، ما كان أبوك في قومه? قال: كان من أوسطهم، لم يسدهم، ولم يتخلف عنهم، فرجع إليه ثانية، ففطن الأحنف أنه من قبل عمرو، فقال: ما كان مال أبيك? فقال: كانت له صرمة٤ يمنح منها ويقري، ولم يك أهتم سلاحاً٥.
١ لفظ "لا يكلمه" ساقط من ر. ٢ ر: "إيهامه". ٣ ر: "أبا بحر". ٤ الصرمه: القطعة من الإبل لم تبلغ السنين. ٥ السلاح: كثير السلح. يعرض بأبي عمرو.