قال أبو العباس: ومن حلو التشبيه وقريبه، وصريح الكلام وبلغيه١ قول ذي الرمة:
ورمل كأوراك العذارى قطعته ... وقد جللته المظلمات الحنادس٢
الحندس: اشتداد الظلمة، وهو توكيد لها، يقال: ليل حندس، وليل أليل، كما يقال: ليل٣ مظلم.
وقال الشماخ في صفة الفرس:
مفج الحوامي عن نسور كأنها ... نوى القسب ترت عن جريم ملجلج
قوله: مفج الحوامي يريد مفرق الحوامي، فالحوامي: نواحي الحافر. والنسور، واحدها نسر، وهي نكتة في داخل الحافر، ويحمد الفرس إذا صلب ذلك منه، ولذلك شبه بنوى القسب٤، وترت: سقطت. والجريم: المصروم، والملجلج: الذي قد لجلج مضغاً في الفم، ثم قذف لصلابته.
وقوله: مفج ليس يريد الذي هو شديد التفرقة، ولكن الانفصال عن النسر، فإنه إن اتسع واستوى أسفله فذلك الرحح٥، وهو مذموم في الخيل، وكذلك إن ضاق وصغر قيل له: مضطر، وكان عيباً قبيحاً. قال حميد الأرقط:
لا رحح فيها ولا اضطرار ... ولم يقلب أرضها البيطار٦
[ولا لحبليه بها حبار]
الحبار: الأثر] ٧. ويروى: ولم يقلم٨، وتأويل ذلك: أن حوافرها
١ ساقطة من ر. ٢ يقول: هذا الرمل حقف كأوراك العذارى. جللته: لبسته. الخنادس. الليالي المظلمة. والخندس: الظلام."من شرح الديوان". ٣ ر: "وليل أليل مظلم". س: "وليل أليل. وهويم. كما يقال: ليل مظلم". وما أثبته عن الأصل. ٤ القسب: التمر اليابس يتفتت في الفم. ونواه أصلب النوى. ٥ الرحح: انبساط الحافر في رقة. ٦ ر: "ولم يقلم". ٧ ما بين العلامتين من زيادات ر. ٨ ر: "ولم يقلب".