الصور دون بعض، بخلاف دلالة المنطوق فإنها دالة على كل صورها، دلالة مطابقة، وتضمن، والتزام. (١)
٥ - أنَّ النص قد ثبت في إلغاء مفهوم الآية؛ والنص هو حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، "والظاهر أنَّ السَّائل ما سَأَلَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إلا لأنَّه أشكل عليه مفهوم هذه الآية، فالحديث نصٌ في محل النزاع، ولو كان جلدُ غيرِ المحصنة أكثر أو أقل من جلد المحصنة لَبَيَّنَه - صلى الله عليه وسلم - ". (٢)
فإن قيل: فما فائدة شرط الإحصان في الآية إذا كان ذلك غير معتبر؟
= لَهُ بِهِ) وصف مطابق للواقع؛ لأنهم يدعون معه غيره بلا برهان، فذكر الوصف لموافقته للواقع، لا لإخراج المفهوم عن حكم المنطوق، ومن أمثلته في القرآن أيضاً: قوله تعالى: (لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) [آل عمران: ٢٨]، لأن الآية نزلت في قوم والوا اليهود دون المؤمنين فقوله: (مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) ذُكِرَ لموافقته للواقع، لا لإخراج المفهوم عن حكم المنطوق، ومعلوم أن اتخاذ المؤمنين الكافرين أولياء ممنوع على كل حال. انظر: أضواء البيان، للشنقيطي (٥/ ٨٣٣). (١) قسم علماء الأصول الدلالة إلى ثلاثة أقسام: ١ - ... دلالة وضعية: كدلالة السبب على المسبب، ومنه دلالة الدلوك على وجوب الصلاة. ٢ - ... ودلالة عقلية: كدلالة الأثر على المؤثر، ومنه دلالة العالم على موجده، وهو الله سبحانه وتعالى. ٣ - ... ودلالة لفظية: أي مستندة إلى وجود اللفظ، وهذه اللفظية على ثلاثة أقسام: الأول: طبيعية، كدلالة: أح، أح، على وجع الصدر. الثاني: عقلية، كدلالة الصوت على حياة صاحبه. الثالث: وضعية، وهي كون اللفظ إذا أطلق فهم من إطلاقه ما وضع له. ودلالة اللفظ الوضعية على أقسام: ١ - ... دلالة مطابقة: كدلالة الإنسان على الحيوان الناطق، وإنما سُمِّيَت هذه الدلالة مطابقة؛ لأن اللفظ موافق لتمام ما وضع له. ٢ - ... ودلالة تضمن: كدلالة الإنسان على حيوان فقط، أو على ناطق فقط، سُمِّيَت بذلك؛ لأن اللفظ دل على ما في ضمن المسمى. ٣ - ودلالة التزام: كدلالة الإنسان على كونه ضاحكاً، أو قابلاً صنعة الكتابة ونحوها. انظر: شرح الكوكب المنير، للفتوحي، ص (٣٨)، والتعارض والترجيح، للبرزنجي (١/ ٢٤). (٢) انظر: أضواء البيان، للشنقيطي (١/ ٣٢٨).