الدليل الثاني: أنَّ هذا المذهب هو المروي عن سمرة، وأبي بن كعب، وابن عباس - رضي الله عنهم -، ومثل هذا لا يقال بالرأي، فدل على أنَّ للقصة أصلاً؛ فيكون لها حكم الرفع. (١)
الدليل الثالث: إجماع الحجة من أهل التأويل على أنَّ الآيات معنيٌ بها آدم وحواء، حكى الإجماع ابن جرير الطبري في تفسيره. (٢)
الإيرادات والاعتراضات على هذا المذهب:
اعتُرِضَ على هذا المذهب بقوله تعالى في آخر الآيتين:(فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)[الأعراف: ١٩٠] بصيغة الجمع، فلو كان المراد آدم وحواء - عليهما السلام - لقال: يشركان، بصيغة التثنية، وفي هذا دلالة واضحة بأن الآيات معني بها الذرية لا آدم وحواء.
وقد أجاب بعض أصحاب هذا المذهب عن هذا الاعتراض: بأن آخر الآيات معنيٌّ بها مشركو العرب من عبدة الأوثان، وأنَّ الخبر عن آدم وحواء قد انقضى عند قوله:(جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا).
وهذا رأي ابن جرير الطبري (٣)، والسيوطي (٤)، وهو المروي عن السدي (٥)، وأبي مالك (٦).
الثاني: مسلك تضعيف الحديث، وتأويل الآية في غير آدم وحواء:
حيث ذهب آخرون إلى تضعيف حديث سمرة - رضي الله عنه -، وأنَّ الشرك - المذكور في الآيتين - معني به غير آدم وحواء عليهما السلام.
واختلف هؤلاء بالمعنيِّ به على أقوال:
(١) انظر: روح المعاني، للآلوسي (٩/ ١٨٩). (٢) انظر: تفسير ابن جرير الطبري (٦/ ١٤٧). (٣) انظر: تفسير ابن جرير الطبري (٦/ ١٤٧). (٤) انظر: الإتقان في علوم القرآن، للسيوطي (١/ ٢٨١). (٥) قال السدي في تفسير قوله تعالى: (فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ): «هذه فصلٌ من آية آدم، خاصة في آلهة العرب». أخرجه ابن جرير في تفسيره (٦/ ١٤٧، ١٤٨)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٥/ ١٦٣٤). (٦) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٥/ ١٦٣٥).