قولك١:"حسبُكَ بِه" كلامٌ صحيحٌ كما تقول: كفايتُك بهِ وفيه معنى الأمر٢ أو التعجب وقولهم: {كَفَى بِاللَّهِ} ٣ قال سيبويه: إنما هو "كفى الله" والباء زائدة٤، والقياس يوجب أنْ يكون التأويل:"كفى كفايتي بالله" فحذفَ المصدر٥ لدلالة الفعل عليه، وهذا في العربية موجود٦.
الرابع: الجملةُ: وذلك نحو قولك: "زيدٌ ظننتُ منطلقٌ" بنيتَ "منطلقًا" على "زيد" ولم تعمل "ظننتُ" وألغيته وصار المعنى: زيدٌ منطلقٌ في ظني, فإنْ قدمت "ظننتُ" قَبُحَ الإِلغاء. ومن هذا الباب الاعتراضات, وذلك نحو قولك: زيدٌ -أشهدُ بالله- منطلقٌ, وإنَّ زيدًا -فافهمْ ما أقولُ- رجلُ صدْقٍ, وإنَّ عمرًا -والله- ظالمٌ, وإنَّ زيدًا -هو المسكينُ- مرجومٌ، وعلى ذلك يتأول قوله عز وجل٧:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا، أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ} ٨، فـ {أُولَئِكَ} هو الخبر و {إنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}"اعتراض" ومنه قول الشاعر:
١ في "ب" قولهم. ٢ في "ب" والتعجب. ٣ العنكبوت: ٥٢. ٤ انظر الكتاب ١/ ١٩. ٥ في "ب" المضاف. ٦ في "ب" موجود في العربية. ٧ كلمتا "عز وجل" ساقطتان في "ب". ٨ الكهف: ٣٠. ٩ من شواهد سيبويه ١/ ١٩٠، على نصب "قسمًا" على المصدر المؤكد لما قبله، وابن السراج جعله توكيدًا على جهة الاعتراض. والبيت للأحوص يمدح به عمر بن عبد العزيز. وانظر الأغاني ١٨/ ١٩٥، والعقد الفريد ٤/ ٣٦٣, وابن يعيش ١/ ١١٦, ومهذب الأغاني ٣/ ١٨٧، وشرح الرماني ٣/ ١٦٣, والخزانة ١/ ٢٤٧ و٤/ ١٥.