فمن ذلك "عَلَى" ذكر محمد بن يزيد أنها تكون حرفًا واسمًا وفعلًا١، وأنّ جميع ذلك مأخوذٌ من الاستعلاء وقد ذكرتها فيما تقدم. وقال سيبويه:"عَلى" معناها استعلاءُ الشيءِ، ويكون أَن تطوي مستعليًا كقولك: أمررت يدي عليه ومررتُ على فلانٍ كالمثل, وكذلك علينا أميرٌ وعليه دينٌ؛ لأنهُ شيءٌ اعتلاهُ٢, ويكونُ مررتُ عليه: مررت على مكانه. ويجيءُ كالمثل وهو اسم لا يكونُ إلا ظرفًا، قال٣: ويدل على أنه اسمٌ قول بعضهم: غَدَتْ مِنْ عَليهِ٤.... ومن ذلكَ "إلى" وهي منتهًى لابتداءِ الغايةِ ومنها "سَوفَ" وهي
١ قال المبرد في المقتضب ١/ ٤٦: وقد يكون اللفظ واحدًا ويدل على اسم وفعل نحو قولك: زيد على الجبل يا فتى، وزيد علا الجبل، فيكون "علا" فعلًا، ويكون حرفًا خافضًا، والمعنى قريب. وقال في ج٣/ ٥٣: فأما "على" فلا تصلح إمالتها؛ لأنها من علوت وهي اسم، يدلك على ذلك قولهم: جئت من عليه، أي: من فوقه. ٢ انظر الكتاب: ٢/ ٣١٠. ٣ الذي قال هو سيبويه, انظر الكتاب ٢/ ٣١٠. ٤ يشير إلى قول الشاعر مزاحم العقيلي في وصف قطاة: غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها ... تصل وعن قيض ببيداء مجهل وهو من شواهد سيبويه ٢/ ٣١٠، على دخول "من" على "على" لأنها اسم في تأويل "فوق" كأنه قال: غدت من فوقه. وصف قطاة غدت عن فرخها طالبة للورد بعد تمام الخمس، وهو أن تبقى عن الماء ثلاثًا بعد يوم الورد ثم ترد اليوم الخامس ليوم الورد، معنى تصل: يصل جوفها يبس من العطش، والصلال والصلصال: كل شيء جاف يصوت إذا قرع كالفخار. والقيض: قشور البيض، يريد أنها كما أفرخت بيضها فهي تسرع في طيرانها إشفاقًا عليها، والبيداء: القفر، والمجهل: الذي لا يهتدى فيه، ويروى البيت: بزيراء مجهل. وانظر: المقتضب ٢/ ٥٣, والكامل ٤٨٨، وأدب الكاتب ٥٠٠، ومعجم مقاييس اللغة ٤/ ١١٦، والمخصص ١٤/ ٥٧، وابن يعيش ٨/ ٣٩، والاقتضاب للبطليوسي ٤٢٨, والعيني ٣/ ٣١١، والخزانة ٤/ ٢٥٣.