بَكَتْ حَزَنًا واسترجعت ثمَّ آذَنَتْ ... ركائبُها أن لا إلينا رُجوعها١
فأما الذي يحسن ويجوز فقولك: لا زيد في الدار ولا عمرو, ولما ثنيت حسن.
الثاني: الاسم المنفي بلا وبعده اسم منفي أيضًا بلا:
وهذا الصنف إنما يجيء على لفظ السائل إذا قال: أغلام عندك أم جارية/ ٤٥٩ إذا ادعى أن عنده أحدهما, إلا أنه لا يدري: أغلام هو أم جارية فلا يحسن في هذا إلا أن تعيد "لا" فتقول: لا غلام عندي ولا جارية, وإذا قال: لا غلام فإنما هو جواب لقوله: هل من غلام, ولم يثبت أن عنده شيئًا فعملت لا فيما بعدها, وإن كان في موضع ابتداء, ومن ذلك قول الله:{فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} ٢.
وقال الشاعر:
١ من أبيات سيبويه ١/ ٣٥٥، الخمسين التي لا يعرف قائلها على عدم تكرير "لا" للفصل بينها وبين اسمها ووقوع المعرفة بعدها للضرورة. وفي الاسترجاع هنا قولان: أحدهما أنه من الاسترجاع عند المصيبة وهو قول: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} . وثانيهما: أنه طلب الرجوع من الرحيل لكراهية فراق الأحبة، وهو الأقرب إلى المعنى. وآذنت: أشعرت وأعلمت. وركائبها: جمع ركيبة وهي الراحلة التي تركب. وأن: مفسرة. ويجوز أن تكون المخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن المحذوف. وفي الكتاب: بكت جزعا، لا بكت حزنا كما رواه ابن السراج. وقد يكون تصحيفا من الناسخ إذ أبدل الحاء جيما. وانظر: المقتضب ٤/ ٣٦١، ورواه المبرد: قضت وطرا واسترجعت ... وهذا أقرب إلى المعنى لأنها طلبت الرجوع بعد أن قضت وطرا على فراق الأحبة. وشرح السيرافي ٣/ ٩٣، وأمالي ابن الشجري ٢/ ٢٢٥، والمفصل للزمخشري/ ٢٣٨، وابن يعيش ٢/ ١١٢. ٢ آية: ٣٨ سورة البقرة. وقراءة: لا خوفَ بفتح الفاء ليعقوب في جميع القرآن وفي النشر ٢/ ٢١١ قرأ يعقوب: لا خوف عليهم.. حيث وقعت بفتح الفاء وحذف التنوين. وقرأ الباقون بالرفع والتنوين. وانظر: الإنصاف ص/ ١٣٤، والبحر المحيط جـ١/ ١٦٩ وجـ٢/ ٨٨.