الْكِفَايَةِ وَلَا يَسْقُطُ بِهِ فَرْضٌ آخَرُ كَمَا تَسْقُطُ الظُّهْرُ بِالْجُمُعَةِ وَالنَّوَافِلُ مَشْرُوعَةٌ لِلْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ كَصَلَاةِ الضُّحَى وَقِيَامِ اللَّيْلِ وَالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَكَذَلِكَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ كَصَلَاةِ الْجَنَائِزِ. وَالصَّوَابُ بِلَا رَيْبٍ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ لِلْمُسَافِرِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسَافِرُ أَسْفَارًا كَثِيرَةً. قَدْ اعْتَمَرَ ثَلَاثَ عُمَرٍ سِوَى عُمْرَةِ حَجَّتِهِ وَحَجَّ حَجَّةَ الْوَدَاعِ وَمَعَهُ أُلُوفٌ مُؤَلَّفَةٌ وَغَزَا أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ غَزَاةٍ وَلَمْ يَنْقُلْ عَنْهُ أَحَدٌ قَطُّ أَنَّهُ صَلَّى فِي السَّفَرِ لَا جُمُعَةً وَلَا عِيدًا بَلْ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فِي جَمِيعِ أَسْفَارِهِ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ الْأَيَّامِ وَلَمْ يَنْقُلْ عَنْهُ أَحَدٌ قَطُّ أَنَّهُ خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ مُسَافِرٌ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَا وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى قَدَمَيْهِ وَلَا عَلَى رَاحِلَتِهِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ وَلَا عَلَى مِنْبَرٍ كَمَا كَانَ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَقَدْ كَانَ أَحْيَانًا يَخْطُبُ بِهِمْ فِي السَّفَرِ خُطَبًا عَارِضَةً فَيَنْقُلُونَهَا كَمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (١) وَلَمْ يَنْقُلْ عَنْهُ قَطُّ أَحَدٌ أَنَّهُ خَطَبَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي السَّفَرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ؛ بَلْ وَلَا نَقَلَ عَنْهُ أَحَدٌ أَنَّهُ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ غَيَّرَ الْعَادَةَ فَجَهَرَ وَخَطَبَ لَنَقَلُوا ذَلِكَ وَيَوْمَ عَرَفَةَ خَطَبَ بِهِمْ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ أَنَّهُ جَهَرَ وَلَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْخُطْبَةُ لِلْجُمُعَةِ؛
(١) بياض بالأصلقال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ٢٠٠):ولعل موضع البياض ما رواه أحمد (٢/ ١٦١، ١٩١) ومسلم (١٨٤٤) والنسائي (٤١٩١) وابن ماجه (٣٩٥٦) وغيرهم بألفاظ متقاربة من طريق الأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْن ِوَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ انْتَهَيْتُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ جَالِسٌ فِى ظِلِّ الْكَعْبَةِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِى سَفَرٍ إِذْ نَزَلَ مَنْزِلاً فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُ خِبَاءَهُ وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِى جَشَرِهِ وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ إِذْ نَادَى مُنَادِيهِ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ. قَالَ فَاجْتَمَعْنَا - قَالَ - فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَخَطَبَنَا فَقَالَ «إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِىٌّ قَبْلِى إِلاَّ دَلَّ أُمَّتَهُ عَلَى مَا يَعْلَمُهُ خَيْراً لَهُمْ. . . الحديث.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute