قُدِّمَتْ لِكَوْنِهَا امْرَأَةً فَتَكُونُ الْمَرْأَةُ أَحَقَّ بِحَضَانَةِ الصَّغِيرِ مِنْ الرَّجُلِ. فَتُقَدَّمُ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ وَالْجَدَّةُ عَلَى الْجَدِّ وَالْأُخْتُ عَلَى الْأَخِ وَالْخَالَةُ عَلَى الْخَالِ وَالْعَمَّةُ عَلَى الْعَمِّ. وَأَمَّا إذَا اجْتَمَعَ امْرَأَةٌ بَعِيدَةٌ وَرَجُلٌ قَرِيبٌ فَهَذَا بَسْطُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ. إذْ الْمَقْصُودُ هُنَا ذِكْرُ مَسْأَلَةِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ فَتَخْيِيرُ الصَّبِيِّ الَّذِي وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ أَوْلَى مِنْ تَعْيِينِ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ لَهُ وَلِهَذَا كَانَ تَعْيِينُ الْأَبِ كَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَد. . . (١) الْأُمُّ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ وَأَحْمَد فِي رِوَايَةٍ وَالتَّخْيِيرُ تَخْيِيرُ شَهْوَةٍ؛ وَلِهَذَا قَالُوا: إذَا اخْتَارَ الْأَبُ مُدَّةً ثُمَّ اخْتَارَ الْأُمَّ فَلَهُ ذَلِكَ حَتَّى قَالُوا: مَتَى اخْتَارَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ اخْتَارَ الْآخَرَ نُقِلَ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ إنْ اخْتَارَ أَبَدًا. وَهَذَا هُوَ قَوْلُ الْقَائِلِينَ بِالتَّخْيِيرِ: الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ. وَقَالُوا: إذَا اخْتَارَ الْأُمَّ كَانَ عِنْدَهَا لَيْلًا وَأَمَّا بِالنَّهَارِ فَيَكُونُ عِنْدَ الْأَبِ؛ لِيُعَلِّمَهُ وَيُؤَدِّبَهُ. هَذَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد. كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَهُوَ يَقُولُ يَكُونُ عِنْدَهَا بِلَا تَخْيِيرٍ وَالْأَبُ يَتَعَاهَدُهُ عِنْدَهَا وَأَدَبَهُ وَبَعْثَهُ لِلْمَكْتَبِ وَلَا يَبِيتُ إلَّا عِنْدَ الْأُمِّ. قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد: إنْ اخْتَارَ الْأَبَ كَانَ عِنْدَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا وَلَمْ يُمْنَعْ مِنْ زِيَارَةِ أُمِّهِ وَلَا تُمْنَعْ الْأُمُّ مِنْ تَمْرِيضِهِ إذَا اعْتَلَّ. فَأَمَّا " الْبِنْتُ " إذَا خُيِّرَتْ: فَكَانَتْ عِنْدَ الْأُمِّ تَارَةً وَعِنْدَ الْأَبِ تَارَةً. أَفْضَى ذَلِكَ إلَى كَثْرَةِ بُرُوزِهَا وَتَبَرُّجِهَا وَانْتِقَالِهَا مِنْ مَكَانٍ إلَى مَكَانٍ
(١) بياض بالأصلراجع التعليق أسفل الصفحة ١١١ من هذا المجلد.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute