لَكِنْ قَدْ يُعْرِضُ الْإِنْسَانُ عَنْ طَلَبِ عِلْمِ مَا يَنْفَعُهُ وَذَلِكَ الْإِعْرَاضُ أَمْرٌ عَدَمِيٌّ، لَكِنَّ النَّفْسَ مِنْ لَوَازِمِهَا الْإِرَادَةُ وَالْحَرَكَةُ فَإِنَّهَا حَيَّةٌ حَيَاةً طَبِيعِيَّةً، لَكِنَّ سَعَادَتَهَا أَنْ تَحْيَا الْحَيَاةَ النَّافِعَةَ فَتَعْبُدَ اللَّهَ، وَمَتَى لَمْ تَحْيَا هَذِهِ الْحَيَاةَ كَانَتْ مَيِّتَةً، وَكَانَ مَا لَهَا مِنْ الْحَيَاةِ الطَّبِيعِيَّةِ مُوجِبًا لِعَذَابِهَا، فَلَا هِيَ حَيَّةٌ مُتَنَعِّمَةٌ بِالْحَيَاةِ، وَلَا مَيِّتَةٌ مُسْتَرِيحَةٌ مِنْ الْعَذَابِ، قَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا} فَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ لَمَّا كَانَ فِي الدُّنْيَا لَيْسَ بِحَيِّ الْحَيَاةَ النَّافِعَةَ وَلَا مَيِّتًا عَدِيمَ الْإِحْسَاسِ، كَانَ فِي الْآخِرَةِ كَذَلِكَ، وَالنَّفْسُ إنْ عَلِمَتْ الْحَقَّ وَأَرَادَتْهُ فَذَلِكَ مِنْ تَمَامِ إنْعَامِ اللَّهِ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَهِيَ بِطَبْعِهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ مُرَادٍ مَعْبُودٍ غَيْرِ اللَّهِ؛ وَمُرَادَاتٍ سَيِّئَةٍ؛ فَهَذَا تَرَكَّبَ مِنْ كَوْنِهَا لَمْ تَعْرِفْ اللَّهَ وَلَمْ تَعْبُدْهُ وَهَذَا عَدَمٌ. وَالْقَدَرِيَّةُ يَعْتَرِفُونَ بِهَذَا، وَبِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مُرِيدًا، لَكِنْ يَجْعَلُونَهُ مُرِيدًا بِالْقُوَّةِ وَالْقَبُولِ، أَيْ قَابِلًا لِأَنْ يُرِيدَ هَذَا وَهَذَا، وَأَمَّا كَوْنُهُ مُرِيدًا لِهَذَا الْمُعَيَّنِ وَهَذَا الْمُعَيَّنِ، فَهَذَا عِنْدَهُمْ لَيْسَ مَخْلُوقًا لِلَّهِ، وَغَلِطُوا بَلْ اللَّهُ خَالِقُ هَذَا كُلِّهِ، وَهُوَ الَّذِي أَلْهَمَ النَّفْسَ فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا} إلَخْ " وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ إبْرَاهِيمَ وَأَهْلَ بَيْتِهِ أَئِمَّةً يَدْعُونَ بِأَمْرِهِ، وَجَعَلَ آلَ فِرْعَوْنَ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إلَى النَّارِ، وَلَكِنَّ هَذَا. . . (١) (*) إلَى اللَّهِ لِوَجْهَيْنِ مِنْ جِهَةِ عِلَّتِهِ الغائية، وَمِنْ جِهَةِ سَبَبِهِ:
(١) بياض بالأصل(*) قال الشيخ ناصر بن حمد الفهد (ص ٧١):وموضع البياض: (ولكن هذا [لا يضاف مفرداً]) كما في ١٤/ ١٩٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute