((فَكنت سَمعه الَّذِي يسمع بِهِ، وبصره الَّذِي يبصر بِهِ)) أَقَامَ الْحق عز وَجل نَفسه مقَام عَبده فَقَالَ: ((مَرضت)) أَي مرض عَبدِي، وَهَذَا من بَاب الْكَرم فِي الْجَزَاء ومقابلة الشَّيْء بِأَفْضَل مِنْهُ، كَقَوْلِه تَعَالَى: {فاذكروني أذكركم} [الْبَقَرَة: ١٥٢] وَقَوله: ((من ذَكرنِي فِي نَفسه ذكرته فِي نَفسِي)) .
٢١٦٢ - / ٢٧١٢ - وَفِي الحَدِيث السَّابِع وَالْعِشْرين بعد الْمِائَة: ((كَانَ زَكَرِيَّا نجارا)) .
اعْلَم أَن الْأَنْبِيَاء لما بعثوا داعين لِلْخلقِ إِلَى الْحق عز وَجل لم يطلبوا من الْخلق جَزَاء، وَلم يكن بُد من الجريان مَعَ الْأَسْبَاب، فاشتغل كل مِنْهُم بِسَبَب، فَكَانَ آدم حراثا، ونوح نجارا، وَكَذَلِكَ زَكَرِيَّا، وَإِدْرِيس خياطا، وَكَذَلِكَ لُقْمَان، وَدَاوُد زرادا، وَإِبْرَاهِيم زراعا، وَكَذَلِكَ لوط، وَصَالح تَاجِرًا، ومُوسَى وَشُعَيْب وَمُحَمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رُعَاة، وَهَذِه سيرة الْعلمَاء من بعدهمْ وَالصَّالِحِينَ، فَكَانَ أَبُو بكر الصّديق وَعُثْمَان بن عَفَّان وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَطَلْحَة وَابْن سِيرِين وَمَيْمُون بن مهْرَان بزازين، وَكَانَ الزبير وَعَمْرو بن الْعَاصِ وعامر بن كريز جزارين، وَكَانَ سعد بن أبي وَقاص يبري النبل، وَعُثْمَان بن طَلْحَة الحَجبي خياطا، وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ يَبِيع السختيان - وَيُونُس ابْن عبيد جزارا، وَمَالك بن دِينَار وراقا يكْتب الْمَصَاحِف، وَكَانَ سعيد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute