فطوبى لمن تشرَّف بالبلاغ عنك يا رسُولَ الله! وأوَّلهم الصَّحابة - رضي الله عنهم -، حملة العلم، ونقلة الدِّين، وأمان الأمَّة.
واعلم أنَّ عائشة - رضي الله عنها - أوذيت في حياتها وبعد مماتها؛ لأنَّ لها شأواً عالياً في الإسلام، فالرِّيح لا تلطمُ عواصفُها إلَّا العالي من الشَّجر، كما قال الشَّاعر:
اعلم أنَّ أهل الحقِّ يُعَادَوْنَ، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ (١١٢)} [الأنعام]، {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ (٣١)} [الفرقان].
واعلم أنَّ أهل الحقِّ يُستَهزأ بهم، قال تعالى: {وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا (٤١)} [الفرقان] ولذلك قال هؤلاء المستهزئون ما حكاه الله تعالى عنهم: {أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (٤١)} [الفرقان]. ولا يخفى خروج الاستفهام إلى معنى التَّحقير، وأنَّ اسم الإشارة (هذا) للقريب، والغرض التَّحقير
(١) قوله - صلى الله عليه وسلم -: "بَلِّغُوا " تكليف، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " عَنِّي" تشريف، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَلَوْ آيَةً " تخفيف. (٢) البخاري "صحيح البخاري" (م ٢/ج ٤/ص ١٤٥) كتاب أحاديث الأنبياء.