" وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، تَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - "(١).
وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:"مَا رَأَيْتُ امْرَأَةً أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَكُونَ فِي مِسْلَاخِهَا (٢) مِنْ سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ، مِنِ امْرَأَةٍ فِيهَا حِدَّةٌ (٣)، قَالَتْ: فَلَمَّا كَبِرَتْ، جَعَلَتْ يَوْمَهَا مِنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لِعَائِشَةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ الله، قَدْ جَعَلْتُ يَوْمِي مِنْكَ لِعَائِشَةَ، فَكَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَيْنِ، يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ"(٤).
[حجرتها - رضي الله عنها -]
أسكن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - عائشة - رضي الله عنها - في حجرة ملاصقة للمسجد النَّبويِّ، وكان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قد بنى حجرات لأمّهات المؤمنين بعد بناء المسجد، وقد جاء ذكر تلك الحجرات في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (٤)} [الحجرات]، وفي الصَّحيح، قال - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الحُجُرَاتِ ـ يُرِيدُ أَزْوَاجَهُ لِكَيْ يُصَلِّينَ ـ رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ"(٥).
وكان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا اعتكف يمدّ رأسه إلى عائشة - رضي الله عنها - مِن المسجد ويُدْنِيه منها، فتغسله وتسرّحه، تقول عائشة - رضي الله عنها -: "كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصْغِي إِلَيَّ رَأْسَهُ وَهُوَ
(١) البخاري "صحيح البخاري" (م ٢/ج ٣/ص ١٦٥) كتاب الشّهادات. (٢) المسلاخ: الجلد، ومعناه أن أكون أنا هي، كَأَنَّهَا تَمنَّت أَنْ تكونَ في مثْل هدْيها وطريقتها. (٣) قوّة نفس وصلابة في الدّين. (٤) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٥/ج ١٠/ص ٤٨) كتاب النّكاح. (٥) البخاريّ "صحيح البخاري" (م ٤/ج ٨/ص ٩٠) كتاب الفتن.