فمِنْ وَرَطَاتِ الأمورِ الَّتي يصعب المخرج منها أن تصيب دماً حراماً بِغَيْر حِلِّه، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ، مَا لَمْ يُصِبْ دَماً حَرَاماً"(١).
فاللهَ اللهَ في الدِّماء، فإنَّها أَوَّلُ مَا يُقْضَى فِيهِ بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ؛ لعظم أمرها، وشناعة شرِّها، قال - صلى الله عليه وسلم -: "أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ"(٢). ومَن امتُحِنَ بِإِهْرَاقِ مِلْءِ مِحْجَمٍ مِنْ دَمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، فسيعرف شناعة ذلك {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (٩)} [الطارق].
أفلح وَرَبِّ الكَعْبَةِ مَنْ كَفَّ فكَّيه وكفَّيه في الفتنة، روى الإمام أحمد وغيره بإسناد صحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قال:" وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ أَمْرٍ قَدْ اقْتَرَبَ، أَفْلَحَ مَنْ كَفَّ يَدَهُ "(٣) أي في الفتنة.
(١) البخاري "صحيح البخاري" (م ٤/ج ٨/ص ٣٥) كتاب الدّيات. (٢) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٦/ج ١١/ص ١٦٧) كتاب القسامة. (٣) أحمد "المسند" (ج ٩/ص ٢٨٣/رقم ٩٦٥٢) وإسناده على شرط الشّيخين، وصحّحه الألباني في "المشكاة" (ج ٣/ص ١١/رقم ٥٤٠٤) وقال رواه: أبو داود وإسناده صحيح.