ومن معالم الهدى أن تَأْتِي إِلَى النَّاسِ الَّذِي تُحِبُّ أَنْ يُؤْتُوهُ إِلَيْكَ، وَأن تدع النَّاس ممَّا كَرِهْتَ لِنَفْسِكَ، ففي حديث الفتنة الَّتي يرقّق بَعْضُهَا بَعْضاً، قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ، وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ"(١).
[وقفات وبعثات الفتنة]
قال حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -:"إنَّ للفتنة وقفات وبعثات (٢)، فإن استطعْتَ أنْ تموتَ في وقفاتِها فافْعَلْ"(٣).
[مثل الفتنة]
كان يقال: مثل الفِتْنَة كَمثل الدِّرْهَم الزِّيف يَأْخُذهُ الأَعْمَى وَيَرَاهُ البَصِير. وضربوا مثلاً للفتنة بثلاثة نفر اصْطَحَبُوا فِي سَفَرٍ، فَسَارُوا لَيْلاً فَاجْتَمَعُوا إلى مَفْرِقِ ثَلَاثَةٍ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: يَمْنَةً فَأَخَذَ يَمْنَةً فَضَلَّ الطَّرِيقَ، وَقَالَ الآخَرُ: يَسْرَةً فَأَخَذَ يَسْرَةً
(١) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّوويّ " (م ٦/ج ١٢/ص ٢٣٣) كتاب الإمارة. (٢) وقفاتها إغماد السّيف، وبعثاتها سلّه وإشهاره. (٣) ابن أبي شيبة "مصنّف ابن أبي شيبة" (ج ٨/ص ٥٩٣)، وابن حمّاد "الفتن" (ج ١/ص ٧٥).