وقد فهم بعض أهل العلم من سكوت النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على مَقَالَةِ عائشة - رضي الله عنها - أنَّها أفضل مِن خديجة، وهذا فهم محجوج بما رواه أحمد مِن أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - غَضِبَ لأجْلِ ذلك، وَرَدَّ عليها، وقال لها:" مَا أَبْدَلَنِي الله ـ - عز وجل - ـ خَيْراً مِنْهَا؛ قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِها إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي الله ـ - عز وجل - ـ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ"(١).
وفي الصَّحيحين مِن حديث عائشة قصَّة طريفة تبيِّن شدَّة غيرتها - رضي الله عنها - وفرط محبَّتها له - صلى الله عليه وسلم -، حتَّى تمنَّت لو أنَّ عَقْرَباً أَوْ حَيَّةً تَلْدَغُها، قالت:"كَانَ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَرَجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَطَارَتِ القُرْعَةُ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ سَارَ مَعَ عَائِشَةَ يَتَحَدَّثُ، فَقَالَتْ حَفْصَةُ: أَلَا تَرْكَبِينَ اللَّيْلَةَ بَعِيرِي وَأَرْكَبُ بَعِيرَكِ، تَنْظُرِينَ وَأَنْظُرُ؟ فَقَالَتْ: بَلَى، فَرَكِبَتْ، فَجَاءَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى جَمَلِ عَائِشَةَ وَعَلَيْهِ حَفْصَةُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهَا، ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلُوا، وَافْتَقَدَتْهُ عَائِشَةُ، فَلَمَّا نَزَلُوا جَعَلَتْ