جُمَيْمَةً (١)" (٢). وعند مسلم أنَّها مرضت شهراً كاملاً، تقول عائشة - رضي الله عنها -:"قَدِمْنَا المَدِينَةَ فَوُعِكْتُ شَهْراً فَوَفَى شَعْرِي جُمَيْمَةً" (٣).
وكانت المدينة عند قدومهم وبِئَة، فلمّا رأى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - شكوى أصحابه، دعا لها أن يصحِّحها وينقل حمَّاها إلى الجُحْفَة فأجاب الله دعوته، تقول عائشة - رضي الله عنها -: "قَدِمْنَا المَدِينَةَ وَهِيَ وَبِيئَةٌ، فَاشْتَكَى أَبُو بَكْرٍ، وَاشْتَكَى بِلَالٌ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - شَكْوَى أَصْحَابِهِ، قَالَ:"اللهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَمَا حَبَّبْتَ مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَمُدِّهَا، وَحَوِّلْ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ (٤) "(٥).
وفي الحديث من الفقه: جواز التَّداوي بالدّعاء لرفع الوباء وكشف البلاء، وفيه الدُّعاء للمسلمين بالبركة والرَّخاء ورفع الدَّاء، وجواز الدُّعاء على الأعداء لشغلهم عن الدَّعوة، فقد دعا - صلى الله عليه وسلم - بنقل الحمَّى إلى الجحفة وكانت دار شرك فكفى الله المؤمنين.
وكان - صلى الله عليه وسلم - قد دعا على قريش لمَّا أبطؤوا عن الإسلام واستعصوا عليه ورأى منهم إدباراً، فقال:"اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ"(٦).
(١) جُمَيْمَة: تصغير جُمَّة، والجُمَّة من شعر الرأْس ما سَقَط على المَنْكِبَيْن، وصار إلى هذا الحدّ. (٢) البخاري "صحيح البخاري" (م ٢/ج ٤/ص ٢٥١) كتاب المناقب. (٣) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٥/ج ٩/ص ٢٠٧) كتاب النكاح. (٤) ميقات أهل الشّام وكانت إذ ذاك يسكنها يهود. (٥) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٥/ج ٩/ص ١٥٠) كتاب الحجّ. (٦) البخاريّ "صحيح البخاريّ" (م ٣/ج ٦/ص ١٩) كتاب التَّفسير.