ومن أدلَّة عدالتهم من السُّنَّة، قولُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ "(١).
وصدق رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد خَلَفَهم خَلْفٌ لا يتورَّعون في كلامهم، وتجرَّؤوا على الله في أيمانهم.
ومن أدلَّة عدالتهم قوله - صلى الله عليه وسلم -: "النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ، أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي، أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ "(٢).
والمعنى أنَّ بقاءَ النُّجوم أمانٌ للسَّماء، فإذا النّجوم انكدرت، جاء السَّماءَ ما تُوعَدُ فانفطرت وانشقت، وبقاء النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أمان لأصحابهلا إله إلا الله، فلمَّا ذهب - صلى الله عليه وسلم - جاء أصحابه - رضي الله عنهم - ما يوعدون من الفتن، وبقاء الصَّحابة - رضي الله عنهم - كان أماناً للأمَّة، فلمَّا ذهب الصَّحابة - رضي الله عنهم - جاء أمَّةَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ما يوعدون من اشتداد الفتن، واختلاف القلوب، وغير ذلك، وهذه كلّها من علامات النُّبوَّة، لوقوع ما أنذر به - صلى الله عليه وسلم -.
وقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: " يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ، فَيَقُولُونَ: فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ، ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ مِنْ النَّاسِ، فَيُقَالُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَاحَبَ أَصْحَابَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ، ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ فَيَغْزُو فِئَامٌ
(١) البخاري " صحيح البخاري " (م ٢/ج ٣/ص ١٥١) كتاب الشّهادات. (٢) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٨/ج ١٦/ص ٨٣) كتاب فضائل الصّحابة.