والعدل والإحسان، والعلم والإيمان، يجد فيه من العظات والعبر والدلائل والشواهد والنماذج ما يقتضي الاتساء، كما أن في القرون التالية من الفواقر العلمية والعملية على كل الأصعدة ما يقتضي الحذر.
فالدين على سموه ورفعة شأنه ووثاقة دليله وصواب تعاليمه وصدق أخباره، لا يعمل في واقع الحياة من تلقاء نفسه بعيدًا عن عمل البشر وتطبيقهم.
فكما أن الدين جاء لإسعاد البشر فهو لا يعمل في الواقع بدون البشر، ولو شاء اللَّه لقهر الناس على الهدى، فلا ينحرفون عن الدين ولا ينصرفون كما لا تنصرف الشمس والأفلاك عن مسارها الذي قدره اللَّه لها، ولكن اللَّه تعالى لما خلق الإنسان جعله عاقلًا مريدًا يختار بين البدائل، بين الخير والشر والحق الضلال والفضيلة والرذيلة، وفي مقابل ذلك صار هذا الإنسان يحمل تبعة اختياره، وأصبح ما يحدث له في الدنيا والآخرة نتيجة لأعماله.