وجه الدلالة: أن أولئك القوم أرادوا أن يجمعوا لذي القرنين مالًا على أن يجعل بينهم وبين يأجوج ومأجوج سدًا، وهذه حقيقة الاستصناع، وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يَرِد شرعنا بنسخه (٩)، ولم يرد شرعنا بذلك، ولو كان غررًا لما أجابهم ذو القرنين لذلك (١٠).
المناقشة: أن الاستصناع يشترط فيه أن تكون العين -محل الصنع- والعمل من الصانع، ومتى كانت العين من المستصنع فهي إجارة، وفي بناء ذي القرنين للسد كانت المواد وبعض
(١) بدائع الصنائع ٥/ ٥ - ٦، فتح القدير ٥/ ٣٥٥، مواهب الجليل ٦/ ٥١٧، حاشية الدسوقي ٣/ ٢١٧، الأم ٣/ ١٣٣، المهذب ١٣/ ٢٢٠ - ٢٢١، الفروع ٦/ ٣١٩، الإنصاف ١١/ ١٠٥، وعليه فيكون إجماعًا؛ للإجماع على جواز السلم. (٢) الاختيار ٢/ ٣٨، تحفة الفقهاء ٢/ ٥٣٨، والمراجع السابقة للحنفية. فائدة: مذهب الفراء أن كلا من كلمتي (جواز) و (صحة) مضاف إلى (عقد)، ولا حذف في الكلام ولا تقدير، ومذهب سيبويه أن ما أضيف إليه الثاني محذوف، ثم أقحم الثاني بين المضاف (جواز) والمضاف إليه (عقد)، ومذهب المبرد وابن مالك أن المحذوف هو ما أضيف إليه الأول، ولا خلاف عندهم في جواز العطف قبل ذكر المضاف إليه في العربية. ينظر شرح ابن عقيل ٣/ ٧٨ - ٨١. (٣) الإنصاف ١١/ ١٠٥. (٤) قرار مجمع الفقه الإسلامي، رقم ٦٧ (٧/ ٣)، عام ١٤١٢، فائدة: الأصل في النسبة أن تكون للمفرد، وعليه تُفتح الدال. (٥) مواهب الجليل ٦/ ٥١٧، حاشية الدسوقي ٣/ ٢١٧. (٦) الأم ٣/ ١٣٣، المهذب ١٣/ ٢٢٠ - ٢٢١. (٧) الفروع ٦/ ٣١٩، الإنصاف ١١/ ١٠٥. (٨) الاختيار ٢/ ٣٨، فتح القدير ٥/ ٣٥٥، وممن رأيته عزا المنع في عقد الاستصناع تصريحًا -لا بلفظ السلم في المصنوعات ونحوه- للأئمة الثلاثة وزفر: داماد أفندي الحنفي ت ١٠٧٨ صاحب "مجمع الأنهر" (٢/ ١٠٦)، والاستصناع ليس من العقود المسماة عند غير الحنفية غالبًا، ويسمى بالسلم في المصنوعات. (٩) البحر المحيط ٦/ ٣٩ - ٤١، التحبير ٨/ ٣٧٦٧ - ٣٧٨٧. (١٠) بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة لمجموعة من الباحثين ١/ ٢٢٨.