٢. أنه متأيد بقول جمهور العلماء وبموافقة الأصل في باب المعاملات.
٣. ما سبق في ترجيح جواز المزارعة.
المطلب الثاني: حكم مزارعة المزارع ومساقاة المساقي، وفيه فرعان:
الفرع الأول: مزارعة المزارع ومساقاة المساقي بدفع الأرض أو الزرع لآخر ليقوم بذلك.
صورة المسألة: أن يدفع رجلٌ لعاملٍ أرضه ليزرعها أو ليسقيها، فيقوم العامل بدفعها بعقدٍ جديدٍ لثالث.
الحكم:
اختلف في ذلك على ثلاثة أقوال:
القول الأول: جواز ذلك إذا كان العامل الآخر أمينًا، وهو قول مالك وأصحابه (١).
القول الثاني: عدم جواز ذلك، وهو مذهب الحنابلة (٢).
القول الثالث: عدم جواز ذلك إلا إذا قال للعامل: اعمل فيه برأيك أو أذن له، وهو مذهب الحنفية (٣)، وقول أبي يوسف ومحمد بن الحسن وأبي ثور (٤).
الأدلة:
أدلة القول الأول: يمكن أن يُستدل له بأن الأصل الجواز، والمساقاة الأصلية جائزة -وكذا المزارعة- فكذلك الثانية، وأدلة الجواز تشمل الثاني بعمومها، ولا يوجد دليل على المنع.
المناقشة: أن المنع عليه أدلة ولو لم تكن من نص الكتاب والسنة، لكنها لا تنافيهما وترجع
(١) المدونة ٥/ ٤٨٦، ٦/ ٢٨، مواهب الجليل ٧/ ٤٨٤، وهذا في المساقاة خاصة، فقد سبق رأي الإمام مالك في المزارعة. (٢) المغني ٧/ ٥٥١، الإنصاف ١٤/ ٢٢٣. (٣) المبسوط ٢٣/ ١١١ - ١١٢، حاشية ابن عابدين ٩/ ٤٨٨، وذكر في مزارعة المزارع وجهين: ١.أن يكون البذر من رب الأرض فكما سبق. ٢.أن يكون البذر من المزارع فله الدفع ولو بلا إذن، قلت: نص عليها في "المبسوط" ٢٣/ ٧٤. ونقل ابن عابدين بيتًا في المساقاة: وما للمساقي أن يساقي غيره ... وإن أذن المولى له ليس ينكر قلت: (ما) نافية، أي: ليس للمساقي أن يساقي غيره، و (ليس ينكر) جواب الشرط، أي: يجوز بالإذن. فإن قيل: إن الإمام أبا حنيفة يخالف في أصل المعاملتين قيل: التفريع على قول الصاحبين والمفتى به عند الحنفية، وهو موافقة الجمهور في الجواز. ينظر حاشية اين عابدين ٩/ ٤٥٨، ٤٧٧. وما للمساقي أن يساقي غيره ... وإن أذن المولى له ليس ينكر قلت: (ما) نافية، أي: ليس للمساقي أن يساقي غيره، و (ليس ينكر) جواب الشرط، أي: يجوز بالإذن. فإن قيل: إن الإمام أبا حنيفة يخالف في أصل المعاملتين قيل: التفريع على قول الصاحبين والمفتى به عند الحنفية، وهو موافقة الجمهور في الجواز. ينظر حاشية اين عابدين ٩/ ٤٥٨، ٤٧٧. (٤) الأوسط ١١/ ١١٨ - ١٢٠، المغني ٧/ ٥٥١.