قَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ سَمَّى لَهُ القَوْمَ.
فَاتَّعَدُوا (١) الحَجُونِ (٢) لَيْلًا بِأَعْلَى مَكَّةَ.
فَاجْتَمَعُوا هُنَالِكَ، فَأَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ، وتَعَاقَدُوا عَلَى القِيَامِ فِي الصَّحِيفَةِ حَتَّى يَنْقُضُوهَا، وَقَالَ زُهَيْرٌ: أنَا أَبْدَؤُكُمْ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَتَكَلَّمُ، فَلَمَّا أصْبَحُوا غَدَوْا إِلَى أنْدِيَتِهِمْ (٣)، وغَدَا زُهَيْرٌ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ عَلَيْهِ حُلَّةٌ، فَطَافَ بِالبَيْتِ سَبْعًا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: يَا أَهْلَ مَكَّةَ! أنَأْكُلُ الطَّعَامَ، ونَلْبَسُ الثِّيَابَ، وبَنُو هَاشِمٍ هَلْكَى لَا يُبَاعُونَ وَلَا يُبْتَاعُ مِنْهُمْ؟ وَاللَّهِ لَا أَقْعُدُ حَتَّى تُشَقَّ هَذِهِ الصَّحِيفَةُ القَاطِعَةُ الظَّالِمَةُ.
فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ، وَكَانَ فِي نَاحِيَةِ المَسْجِدِ: كَذَبْتَ وَاللَّهِ لَا تُشَقُّ، فَقَالَ زَمْعَةُ بنُ الأَسْوَدِ: أَنْتَ وَاللَّهِ أَكْذَبُ، مَا رَضِينَا كِتَابَهَا حَيْثُ كُتِبَتْ! .
فَقَالَ أَبُو البَخْتَرِيِّ: صَدَقَ زَمْعَةُ، لَا نَرْضَى مَا كُتِبَ فِيهَا، وَلَا نُقِرُّ بِهِ.
فَهُنَا قَامَ المُطْعِمُ بنُ عَدِيٍّ، فَقَالَ: صَدَقْتُمَا، وَكَذَبَ مَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ، نَبْرَأُ إلى اللَّهِ مِنْهَا، وَمِمَّا كُتِبَ فِيهَا، وَقَالَ هِشَامُ بنُ عَمْرٍو نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ.
فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ: هَذَا أَمْرٌ قُضِيَ بِلَيْلٍ، تُشُووِرَ فِيهِ فِي غَيْرِ هَذَا المَكَانِ.
(١) اتَّعَدُوا: أي تَوَاعَدُوا. انظر لسان (١٥/ ٣٤٢).(٢) الحَجُونِ: هوَ الجَبَل المُشْرف ممَّا يلي شِعْبَ الجَزَّارِينَ بمكةَ. انظر النهاية (١/ ٣٣٥).(٣) النَّادِي: مُجْتَمَعُ القَوْمِ وأهْلُ المَجْلِسِ. انظر النهاية (٥/ ٣١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute