ولهذا نصح نبي الله يعقوب عليه السلام ابنه يوسف عليه السلام ألا يقص الرؤيا على إخوته قال تعالى:{قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ}[يوسف: ٥].
قال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله:"وهذه الآية أصل في ألا تقص الرؤيا على غير شفيق ولا ناصح، ولا على من لا يحسن التأويل فيها"(١) ثم استشهد بحديث أبي رزين السابق.
وقال أيضًا:"إن يعقوب عليه السلام كان أحسَّ من بنيه حسد يوسف وبغضه، فنهاه عن قص الرؤيا عليهم خوف أن تغل بذلك صدورهم، فيعملوا الحيلة في هلاكه"(٢).
وقال ابن كثير رحمه الله:"خشي يعقوب عليه السلام أن يحدث بهذا المنام أحدًا من إخوته فيحسدونه على ذلك، فيبغون له الغوائل حسدًا منهم له، ولهذا قال له:{لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} أي يحتالون لك حيلة يردونك فيها"(٣).
ثم استشهد بالأحاديث السابقة، ثم قال:"ومن هذا يؤخذ الأمر بكتمان النعمة حتى توجد، وتظهر كما ورد في الحديث «استعينوا على قضاء الحوائج بكتمانها، فإن كل ذي نعمة محسود» "(٤).
(١) الجامع لأحكام القرآن (٩/ ١٢٦). (٢) المرجع السابق (٩/ ١٢٧). (٣) تفسير القرآن العظيم (٢/ ٤٦٩). (٤) الحديث أخرجه ابن حبان في روضة العقلاء، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (٣/ ٤٣٦) رقم (١٤٥٣) وصحيح الجامع رقم (٩٥٦).