وقال أحمد التجاني (١): كنت أحرج وأشدد غاية في الماء المتغير من أثر الوضوء، بل ولا أتوضأ منه، حتى رأيته - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ في إناء، وكان الماء متغيرًا من أثر الوضوء، فقال لي: أنا محمد رسول الله فمن ذلك تركت التحرج (٢).
المسألة الرابعة: شبهاتهم في جعل الرؤى مصدرًا للتلقي والمعرفة
يستدل بعض الصوفية في احتجاجهم بالرؤى ببعض الأدلة، والتي يوجهونها ويلوون أعناقهم لتصحيح ما هم عليه من باطل؛ فمن ذلك (٣):
أولا: قالوا: إن الرؤيا جزء من أجزاء النبوة، فلا ينبغي أن تهمل.
ثانيًا: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«من رآني في المنام فقد رآني حقًا؛ فإن الشيطان لا يتمثل بي»(٤) وإذا كان كذلك فإخباره في النوم كإخباره في اليقظة؛ لأن الشيطان لا يتمثل بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
(١) هو أحمد بن محمد بن المختار (١١٥٠ - ١٢٣٠) هـ شيخ الطريقة التجانية. انظر ترجمته في جواهر الأماني وبلوغ الأماني، وكتاب التجانية للدكتور على الدخيل الله (٤٠ - ٥٦). (٢) جواهر المعاني (١/ ٤٧)، وانظر المزيد من الأمثلة والتي نقلها الأخ صادق سليم صادق في رسالته بعنوان: المصادر العامة للتلقي عند الصوفية عرضًا ونقدًا (٢٦٦ - ٢٨٤). (٣) انظر هذه الشبهات في الفتوحات المكية (٤/ ٢٨) والإبريز (٩٠ - ١٠٣) وأوردها الشاطبي في الاعتصام (١/ ٢٦١ - ٢٦٤) وابن حاج في المدخل (٤/ ٢٨٩ - ٢٩٤). (٤) سبق تخريجه.