وهذا هو مذهب الإمام مالك والشافعي والأوزاعي وغيرهم من فقهاء الأمصار (١). قال ابن سيرين (٢) حين سئل عن سفر المرأة بغير محرم: «رب من ليس بذي محرم خير من محرم»(٣).
ونظير ما وقع لعائشة رضي اللَّه عنها وقع لابن عمر -رضي الله عنه-. إذ إنه وهو أحد رواة الحديث:"لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم"(٤)، كان يردِفُ مولاة له يُقال لها «صفية» تسافر معه إلى مكة (٥).
وقال البيهقي رحمه اللَّه: وروى بكير بن الأشج عن نافع: أنه كان يسافر مع ابن عمر مواليات ليس معهن ذو محرم (٦).
[المثال السابع: كراهة القبلة للصائم]
عن عائشة رضي اللَّه عنها أنها قالت:"إن كان رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم- ليقبل بعض أزواجه وهو صائم. ثم ضحكت"(٧).
دلَّ هذا الحديث بظاهره على إباحة التقبيل للصائم أيًا كان وذلك لأن ما أُبيح له -صلى الله عليه وسلم- فهو مباح لأمته إلا أن يرد دليل على تخصيصه به -صلى الله عليه وسلم-.
(١) المرجع السابق. (٢) هو: محمد بن سيرين الأنصاري مولى أنس بن مالك روى عن ثلاثين من الصحابة قال ابن سعد: كان ثقة مأمونًا عاليًا رفيعًا فقيهًا إمامًا كثير العلم وورعًا مات سنة ١١٠ هـ. انظر: المزي، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، ط ١، مؤسسة الرسالة، بيروت، ١٤١٣ هـ، ج ٢٥، ص ٣٤٤. (٣) ابن عبد البر، الاستذكار، ج ١٣، ص ٣٦٩. (٤) البخاري، الصحيح، حديث رقم (١٠٨٦). (٥) البيهقي، السنن الكبرى، ط ١، دار المعرفة، بيروت، ج ٥، ص ٢٢٦، وقد رواه بإسنادين جيدين. (٦) البيهقي، معرفة السنن والآثار، ج ٤، ص ٢٥٣. وبكير بن الأشج ثقة كما في التقريب ص ١٢٨. (٧) البخاري، الصحيح، حديث رقم (١٩٢٨).