فأمَّا سببُ قَتلِهِم زكريَّا (١): فإنَّهُم اتَّهَمُوه بمريمَ، قالوا:«منهُ حَمَلَت»، فهَرَبَ منهم، فانفَتَحَت لَهُ شَجرةٌ فدَخَلَ فيها، وبَقِىَ من ردائِهِ هدبٌ، فجاءَهُم الشَّيطانُ فدلَّهم عليه، فقَطَعُوا الشَّجَرة بالمِنشارِ وهو فيها.
وأمَّا السَّبَبُ في قَتلِهم شَعْيَا (٢): وهُو أنَّهُ أُرسِل إليهم، فنَهَاهُم عن المَعاصِي.
قال ابنُ إسحاقَ: «وشَعْيَا هو الذي قال لإِيلِيَاءَ ـ وهي قَريةُ بيتِ المَقدِسِ، واسمُها: أُوْرِيْ شَلِم ـ: أَبشِرِي أُوْرِيْ شَلِم! [أَبشِرِي أُوْرِيْ شَلِم! أَبشِرِي أُوْرِيْ](٣) شَلِم! يأتِيكِ [الآن](٤) راكبُ الحمارِ ـ يعني: عيسى ـ، ويأتيكِ بعدَهُ راكبُ البعيرِ (٥) ـ يعني: مُحمَّدًا - عليه السلام - ـ» (٦).
(١) قال الحافظُ ابنُ كَثيرٍ في «البداية والنِّهاية» (٢/ ٤١١) بعد إيرادِهِ أثرًا إسرائيليًّا أخرجه ابنُ عساكر في «تاريخه» (٣١/ ٥٥) وفيه هذا الكلام، قال: «هذا سياقٌ غريبٌ، وحديثٌ عجيبٌ، ورفعُهُ مُنكَرٌ، وفيه ما يُنكَر على كلِّ حالٍ». (٢) ذكرَ ابنُ حزمٍ في «الفِصَل في المِلَلِ والأهواء والنِّحَل» (١/ ١٤٥ - ط. الخانجي): «أنَّ الذي قتله: منشا بنُ حَزقِيَا، بعد ثلاث سنين خَلَت من مُلكِه». (٣) سقطت من «الأصل». وهي في «ن». (٤) سقطت من «الأصل». وهي في «ن»، و «م». (٥) في «م»: الجمل. (٦) أخرَجَهُ الدِّيْنَورِيُّ في «المُجالَسة» (٧٧٨)، عن وهب بنِ مُنَبِّهٍ، قال: قرأتُ في كتابِ شَعْيَا: قيل لي: «قُم نظَّارًا، فانظُر ما تَرَى حتَّى تُخبِر به»، قال: «راكِبَينِ مُقبِلَين، أحدُهُما على حمارٍ، والآخَرُ على جملٍ، يقولُ أحدُهُما لصاحبِهِ: سقطت بابلُ وأصنامُها المُسخَّرة»، وصاحبُ الحمار المسيحُ - عليهم السلام -، وصاحبُ الجَمَل مُحمَّدٌ - عليه السلام -، ولم يَزَل في إقليمِ بابلَ مُلوكٌ يعبُدُون الأوثانَ من لَدُن إبراهيمَ - عليهم السلام - إلى مَبعَث النَّبيِّ - عليه السلام -، فكان سُقوطُهُ على يَدَي مُحمَّدٍ - عليه السلام -. وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا. وأورده ابنُ الجَوزِيِّ في «الوفا بتعريف فَضائِل المُصطفَى» (١/ ٣٠)، وشيخُ الإسلام في «الجَواب الصَّحيح» (٥/ ٢٤٩)، وابنُ القَيِّم في «هداية الحَيَارَى» (١/ ٧٢ - ٧٣).