قال الخراط، فما [١] علمت أنه خرج من باب داره متصرفا من أيام أبي يزيد حتى توفى.
ولما أخبر بموت مروان، استرجع، وقال: كشفني!
وكان يقول: لو علمت أن الأمر ينتهى إلى هذا - يعنى لما انخرق عليه من أمر الناس - ما كان إلا الأمر الأول - يعنى البعد منهم.
وكان يقول: إذا كان هكذا، فمتى يعمل الإنسان؟
ويقول: هذا أمر قد نزل - يعنى اختلاف الناس إليه - لا يزيله إلا الموت.
قال: فلما اشتد أمر بني عبيد، وفتح دعاتهم أبوابهم، ودعوا [٢] إلى كفرهم، قال أبو إسحاق لأصحابه: افتحوا باب داري نأخذ في ذمهم، والتحذير منهم.
وكان في ابتداء [٣] أمره وانفراده، إنما [٤] يقتات بعمل القصارة، يشترى أبدانا [٥] فيقصرها على بئر في داره.
قال -: وكان الرزق أبطأ علي مرة، فقالت لي نفسي: تعرض للزرق.
فخرجت فسمعت معلما يقرى صبيانا هذه الآية: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ﴾. فانتبهت لذلك، ورجعت إلى بيتي فجلست [٦]، فدخل علي بعد ذلك رجل من إخواني، فدفع إلي دينارا سلفا، فأخذته ومضيت، واشتريت أبدانا، وكنت اقصرها في داري، فأربح في البدن قيراطا ونحوه، فقام لي من ذلك [٧] معاش.
[١] فما: أ ط، ما: م. [٢] ودعوا، م. دعوا، أ ط. [٣] في ابتداء، ط م، انتهاء، أ. [٤] إنما، أط - م. [٥] يشترى الدنيا، أ ط. م. [٦] فجلست، ط م، وجلست: أ. [٧] من ذلك، ط م. من بغداد، أ.