[فصل في الرد على المعترض بأن البوصيري إنما قصد الشفاعة يوم القيامة]
فصل قال المعترض: (فشرف الدين إنَّما قصد الشفاعة، مستحضراً يوم القيامة:{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ - وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ - وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ - لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ}[عبس: ٣٤ - ٣٧][عبس -٣٤ -٣٧] .
وهو يقول صلى الله عليه وسلم:" «أمَّتي أمَّتي» ") إلى أن قال: (ولأنه قد أعطي "صلى الله عليه وسلم (١) " الشفاعة بوعد الله الصادق له في حياته، من المقام المحمود وشفاعته لأمته، وهي من ذلك.
قال تعالى:{عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}[الإسراء: ٧٩][الإسراء ٧٩] . وقال:{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى}[الضحى: ٥][الضحى ٥] قال ابن عباس: "هو الشفاعة لأمته "(٢) وقاله غيره من السلف.
ثم ساق أحاديث في هذا المعنى. ثم قال: فإذا كان هذا قول الله تعالى، فما ظنك به صلى الله عليه وسلم وهو أجود بالخير من الريح المرسلة؟ وقال صلى الله عليه وسلم في حق المنافقين:" «لو أعلم أني لو زدت على السبعين لغفر لزدت» "(٣) كما
(١) في (ق) و (م) : صلى الله عليه وسلم قد أعطى. (٢) لم أقف عليه من رواية ابن عباس، إنما هو من رواية علي والحسن البصري، وانظر: "الدر المنثور) (٦ / ٦١٠) . (٣) أخرجه البخاري (٤٦٧٠، ٤٦٧١، ٤٦٧٢) ، والترمذي (٩٧ ٣٠) ، والنسائي (١ / ٦٧) ، وأحمد (١ / ١٦) .