٩١ - حدَّثنا ابنُ إسحاقَ، أنبا عفانُ بنُ مسلمٍ، ثنا أبو الأحوصِ، ثنا سعيدُ بنُ مسروقٍ، عن مُنْذرٍ، عن أبي ذرٍّ قال: قِلْنا (١) مع رسولِ اللهِ ﷺ وآله في ظلِّ شجرةٍ، فرأَى راعيًا معه غَنَمٌ، فقال:«يا راعي، معكَ غنمٌ تَسْقِينا»؟ قال: نَعَمْ. قال:«فلعلَّكَ أنْ تسقِيَنا مِنْ مهابَتِنا»؟ قال: لا، ولكنَّها جُعِلَتْ لذلك. قال: فسقاهُم، ثمَّ أدْبَرَ بغنمِه، فأتْبَعَهُ النَّبيُّ ببصرِه، فظننتُ أنَّه قد أُوحيَ إليهِ، فقال:«نِعْمَ المالُ لِمَنْ أدَّى حقَّهُ» قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، وفيها حقٌّ؟ قال:«نَعَمْ، مَنْ أعطاهُ دخلَ الجَنَّةَ، ومَن منعَهُ دخلَ النَّارَ» قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، وما حقُّها؟ قال: «في نَسْلِها ورِسْلِها (٢)».
٩٢ - حدَّثنا ابنُ إسحاقَ، أنبا زُهيرٌ، ثنا جريرٌ، عن أبي فَرْوةَ، عن أبي زُرْعةَ بنِ عَمرِو بنِ جريرٍ، عن أبي هريرةَ، وأبي ذرٍّ قالَا: كان رسولُ اللهِ ﷺ يجلسُ بينَ ظَهْرانِي أصحابِه، فيَجيءُ الغريبُ فلا يدري أيُّهم هو حتَّى يَسألَ، فطلبنا إلى رسولِ اللهِ ﷺ أنْ نجعلَ لهُ مَجلِسًا يعرفُه الغريبُ إذا أتاهُ. قال: فبَنَيْنا لهُ دُكَّانًا مِنْ طينٍ، فكان يجلسُ عليه، وكنَّا في جانبِه جلوسًا، ورسولُ اللهِ ﷺ مُحتَبيًا، إذْ أقبلَ رجلٌ مِنْ أحسنِ النَّاسِ وجهًا، وأطيبِ النَّاسِ رِيحًا، وأنقَى النَّاسِ ثوبًا، كأنَّ ثيابَه لم يمسَّها دَنسٌ، حتَّى سلَّم مِنْ طَرْفِ السِّماطِ (٣)، فقال: السَّلام عليكَ يا محمَّدُ، فردَّ عليه
(١) من القيلولة، وهي النوم في الظهيرة. «الصحاح» (٥/ ١٨٠٨). (٢) الرِّسْل: هو اللبن. «تهذيب اللغة» (١٢/ ٢٧٣). (٣) السماط: الجماعة من الناس والنخل. والمراد به هنا: الجماعة الذين كانوا جلوسًا عن جانبيه. «النهاية» (٢/ ٤٠١).