وجه الاستدلال: أنَّ النبي ﷺ أمر بإعطاء سنٍّ لصاحب الدين أفضل من سنه، والزيادة فيه غير مقسومة، وهذه هبة لمشاع (١).
ونوقش: بما نوقش به الحديث السابق.
ويُجابُ عنه: بأنَّ النبيَّ ﷺ كان يمكنه أن يعطيه قيمة سنه لتعذر مثله، أو ينتظر الأعرابي حتى يوجد مثل سنه فيعطى إياه؛ لأن المثل إذا تعذر عدل إلى قيمته، فلما أعطاه الرسول ﷺ زيادة على حقه مع إمكان إعطائه قيمته أو الانتظار إلى وجود مثله دلَّ على أنه أراد الإحسانَ إليه بهبته لهذا الزائد على مثل حقه (٢).
(١٢٥) ٨ - ما رواه البخاري ومسلم من طريق زهدم، عن أبي موسى الأشعري ﵁ قال: أتيت النبي ﷺ في رهط من الأشعريين نستحمله (٣)، فقال:" والله لا أحملكم وما عندي ما أحملكم عليه "، قال: فلبثنا ما شاء الله، ثم أتي بإبل، فأمر لنا بثلاث ذود غر الذرى (٤) " (٥).
(١) عمدة القاري، مرجع سابق، (١٣/ ١٦٣). (٢) أحكام المشاع، مرجع سابق، (١/ ٥٢٧). (٣) نستحمله: أي نطلب منه ما يحملنا من الإبل ويحمل أثقالنا. (٤) الذود: الإبل ما بين الثلاث إلى العشر. انظر: لسان العرب (٣/ ١٥٢٥)، المصباح المنير ص (٢١١)، شرح النووي على صحيح مسلم (١١/ ١٠٩)، الذرى: جمع ذروة، وذروة كل شيء أعلاه والمراد بها الأسنمة. انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (١١/ ١٠٩)، تهذيب اللغة (١٥/ ٨)، لسان العرب (٣/ ١٥٠٠ - ١٥٠١). (٥) صحيح البخاري في الأيمان/ باب لا تحلفوا بآبائكم (٦٦٤٦)، ومسلم -كتاب الأيمان/ باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها (١٦٤٩).