وهو سريرٌ عظيمٌ، ذو قوائم، تحمله يوم القيامة ثمانيةٌ من الملائكة الكِرام العِظام ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٧].
والله تعالى ربُّ العرش العظيم؛ فلولا الله ما كان العرش، ولا قام العرش، فليس الله تعالى محتاجًا للعرش ليحمله أو ليقلَّه؛ بل العرش محتاجٌ إلى الرب ﷾؛ لأنه لا قيام لشيءٍ إلا بالله تعالى.
ولا يصحُّ تأويل العرش بالملك، أو الهيمنة، أو السيطرة، أو نحو ذلك؛ بل هو عرشٌ حقيقي، كما جاء موصوفًا في الآيات الكريمات، وفي الأحاديث الصحيحة.
قوله:(أَنْ يَتَوَلاكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ): تولي الله تعالى لعبده في الدنيا بأن يحفظه، ويسدده، ويعصمه، وتولي الله تعالى لعبده في الآخرة بأن يرحمه ويدخله الجنة. قال ابن فارس:(والواو واللام والياء أصل صحيح يدل على قرب. من ذلك الوَلىْ: القرب)(١).
قوله:(وَأَنْ يَجْعَلَكَ مُبَارَكًا أَيْنَمَا كُنْتَ): البركة لغة: النماء والخير الكثير، وهي وصفٌ يجعله الله تعالى في بعض الذوات والأشياء والأزمنة والأمكنة والأطعمة، يحصل من جرَّائه الخير الكثير. فدعائك لأحدٍ أن يجعله الله مباركًا؛ أي: أن يجري على يديه وبسببه الخير (٢)، وهذا
(١) معجم مقاييس اللغة. مادة (ولي). (ص/ ١٠٦٤)، ط: دار إحياء التراث العربي ١٤٢٢ هـ. (٢) قال الراغب: "والبَرَكَةُ: ثبوت الخير الإلهي في الشيء … وسمّي بذلك لثبوت الخير فيه ثبوت الماء في البركة. والمُبَارَك: ما فيه ذلك الخير"، وقال ابن فارس: " الباء والراء والكاف أصل واحد، وهو ثبات الشيء، ثم يتفرع فروعا يقارب بعضها بعضا … قال الخليل: البركة من الزيادة والنماء. والتبريك: أن تدعو بالبركة" ينظر: المفردات في غريب القرآن (ص: ١١٩)، مقاييس اللغة (١/ ٢٢٧ - ٢٣٠).