للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ﴾ [الزمر: ٣]): حكم الله تعالى عليهم بالكذب في مقالتهم، وبالكفر في تقربهم بهم.

فمقالتهم كذب؛ لأنها مخالفةٌ للواقع، وحكمهم أنهم كفار، لم يشفع لهم دعوى أنهم ما عبدوهم إلا ليقربوهم إلى الله زلفى، وهذه الدعوى هي ذات الدعوى التي يدَّعيها سدنة القبور، والطائفون بالأضرحة، والذين ينادون الأموات؛ يقولون: هؤلاء لهم مقام، هؤلاء لهم جاهٌ عند الله، ونحن متلطِّخون بالذنوب والمعاصي لا نستطيع أن ندخل على الملك في سلطانه، لا بد لنا من وساطات!.

هكذاسوّل لهم الشيطان وأملى لهم، صوَّر لهم أن القربى والشفاعة عند الله ﷿ كالشفاعة عند ملوك الدنيا، وهذه ورطةٌ عظيمة وقع فيها المشركون الأوائل والمشركون الجدد.

قال الله تعالى عن دعواهم في الشفاعة قال: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ﴾ [يونس: ١٨]: ظَنوا أن هؤلاء الذين لا يملكون لأنفسهم نفعًا ولا ضرًا يشفعون لهم عند الله، وهذه دعوى باطلة بنوها على أساسٍ فاسد حيث ظنوا أن الشفاعة عند الله؛ كالشفاعة عند ملوك الدنيا.

والفرق الكبير بين الأمرين:

فإن ملوك الدنيا يقبلون شفاعة الشافعين إمَّا رغبةً أو رهبة، إمَّا رغبةً في استمالة الشافع، واتخاذ يدٍ عنده، وإمَّا رهبةً من شرِّه واتِّقاءً لكيده؛ فلذلك يقبلون وجاهاتهم.

أمَّا ربُّنا سبحانه وبحمده فلا يستكثر بأحد من قلة، ولا يستعزُّ به من ذلة؛ بل هو الغني، ذو الرحمة، سبحانه وبحمده، والشفاعة عنده لا تصح إلا بشرطين:

<<  <   >  >>