تعالى إبراهيم ﵇ بهذا الوصف في غير ما موضع، فقال تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [النحل: ١٢٣]، فالحنيفية هي: ملة إبراهيم ﵇، وبها بعث محمد ﵊، فقد بُعث ﵊ بالحنيفية السمحة.
قال ابن فارس:(الحاء والنون والفاء أصل مستقيم، وهو الميل، يقال للذي يمشي على ظهور قدميه أحنف. وقال قوم -وأراه الأصح- إن الحنف اعوجاج في الرجل إلى داخل، ورجل أحنف، أي مائل الرجليين، وذلك يكون بأن صدور قدميه ويتباعد عقباه. والحنيف: المائل إلى الدين المستقيم). (١)
وهي ملة إبراهيم التي أُمِرَ بها نبيُّنا محمد ﷺ وجميع أنبياء الله، فجميع أنبياء الله كانوا على ملة إبراهيم، قال تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشورى: ١٣]، وقال سبحانه: ﴿وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ [البقرة: ١٣٠].
فملة إبراهيم ﵇ هي التوحيد، وهو:(أَنْ تَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ): وهذه الجملة تضمَّنت أمرين:
• أولًا: إثبات عبادة الله.
• ثانيًا: إخلاص العبادة لله.
فلا تكفي العبادة وحدها؛ بل لا بد أن تكون خالصةً لله ﷿، فضد العبادة الإعراض وترك العبادة، وضد الإخلاص الشرك، والسلامة من