وأما على من يجعل بينهما واسطة، فذلك بالنسبة إلى كافي الرهن، وليس هو المقصود باللعان، وإنما مقصود اللعان تخفيف الأمر الخارجي، والصدق وعد من الكذب بالنسبة إليه متلازمان.
وأما ها هنا ينفي دعوى عليه، ويثبت دعوى له، فكان أحدهما مخالفًا للآخر.
ونقل أبو سعد الهروي في "الإشراف" وجهًا ثالثًا عن أبي الحسين بن القطان (١): أنه لا ترتيب بين النفي والإثبات إن بدأ أحدهما بالنفي، حلف الثاني على الإثبات؛ ليكون ضده، وإن بدأ بالإثبات، حلف الثاني على النفي، فيكون ضده.
قلت: وليس في هذا إسقاط الترتيب بالكلية.
ثم إن هذا الخلاف هل هو في الاستحقاق أو في الاستحباب؟!
كلام المصنف يقتضي الأول، وموافقة ما سيحلفه من كلام الإمام (٢).
وقال صاحب "التتمة" و "التهذيب"(٣): لو قدم (٤) الإثبات على النفي صحت يمينه، وهذا يقتضي أن تقديم النفي مستحب، وقال الرافعي: "إنه
(١) هو علي بن محمد بن عبد الملك الكتامي الحميري الفاسي، أبو الحسن بن القطان، من حفاظ الحديث، ونقدته، قرطبي الأصل، من أهل فاس، أقام زمنًا بمراكش، نال بخدمة السلطان دنيا عريضة، وامتحن سنة (٦٢١ هـ) فخرج من مراكش، وعاد إليها، ثم ولي القضاء بسجلماسة، فاستمر إلى أن توفي بها سنة: (٦٢٢ هـ = ١٢٢٥ م). انظر: الوافي بالوفيات (٢٢/ ٤٧)، الأعلام للزركلي (٤/ ٣٣١). (٢) نهاية المطلب (٥/ ٣٤٦). (٣) (٣/ ٥٠٦). (٤) قوله: "صاحب "التتمة" و "التهذيب": "لو قدم" في المخطوطة، مكرر وهي زيادة بدون فائدة.