للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن رداءة النوع مثلوها بالجعرور ومصران الفأرة، وشبهها في التمر.

والشافعي قد ذكر أنه يذكر الصنف، ويذكر منه الجيد أو الرديء، ولا نزاع في أن التعرض للنوع واجب، فكيف يقال: إن رداءة النوع لا يجب ذكرها، ومن ضرورة إهمالها النوع، وهذا لا يخفى على متأمل:

وليس معنى قولنا: إن رداءة النوع يجب ذكرها إلا أنه يذكر النوع المعروف بالرداءة لا أنه يذكره، ثم يذكر كونه جيدًا أو رديئًا، فإن ذلك هو رداءة الوصف، وفي هذا موافقة للرافعي (١) في بعض ما قاله في المعنى، وإن خالفه في العبارة فيقطع بأنه لابد من ذكر النوع جيدًا كان؛ كالصيجاني، والبرني، أو رديئًا كالجعرور، ومصران الفأرة، ويجوز محل الخلاف في رداءة الوصف التي لا تُوقف على حدها، والأصح أنه لا يجوز ذكرها للجهل، وهو الذي اقتضى تقديمه في "البويطي" (٢) ترجيحه.

نعم، هاهنا نظر آخر، وهو أنه يمكن أن يقال: إن رداءة الوصف غير رداءة العيب، كما أشرنا إليه في أن الجودة قد يقال: إنها أزيد من السلامة من العيوب، فإذا فسرت الرداءة بانتفاء ذلك الوصف، وإن لم يكن معيبًا أمكن أن ينزل عليه الخلاف المذكور في "البويطي"، ويجزم في المعيب بالبطلان.

وحينئذ تصير الرداءة على ثلاثة أقسام: رداءة النوع، وذكرها شرط قطعًا بذكر ذلك النوع، ورداءة العيب، وذكرها مفسد، ورداءة الوصف، وهي محل الخلاف، فإن صح ذلك كان الأصح في رداءة الوصف أيضًا الاشتراط على خلاف ما صححه الرافعي لاختلاف الغرض به.

ويوافق ذلك قول الشيخ أبي حامد في الجيد والرديء: مشترط ليس


(١) فتح العزيز (٩/ ٣٢١).
(٢) المصدر السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>