الفرق الثاني: أنه إذا صبغ الغزل، ثم نسج، يكون السلم في الثوب، وإذا صبغ بعد النسج يكون في التقدير كأنه أسلم في الثوب والصبغ معًا، وهذا المعنى هو الذي ذكره المصنف، وهو الذي يشير إليه كلام الشافعي في «الأم»(١) في باب السلف في الشيء المصلح بغيره.
وحاصله: أن المقصود أمران الثوب في نفسه مقصود مستقل بنفسه وصبغه، وكأنه يصير في معنى مَن عاقد على ثوب، ثم عاقد على صبغه، وبهذا المعنى يحصل إدراج المصنف له مع المختلطات.
أما الذي ينسج مصبوغًا كالغصب وغيره، فالصبغ وصف له، والمقصود شيء واحد وهو الثوب الموصوف بذلك الوصف، وقد اعترض الرافعي (٢) بأن المعنيين المذكورين يقتضيان ألَّا يجوز السلم في الذي صبغ غزله ثم نسج، ولا في الغزل المصبوغ، ولك أن تنازع في وجود المعنيين فيهما بما قدمناه.
وقال الماوردي (٣): إنه إن أسلم في الثوب أبيض على أن يصبغه لم يجز؛ لأنه عقد شرط فيه إجازة، وكأنه نزل المنع على هذا، وكلامه في «الأم» في الباب الذي ذكرناه محتمل لذلك؛ ولذلك قدمت أنه ليس صريحًا، فإنه شبهه بأن يسلم إليه في عين على أن يدفعها إليه بغيره لصاع حنطة على أن يوفيه إياه دقيقًا، اشترط كيل الدقيق أو لم يشترطه، وإذا قلنا بهذا سهل الأمر، ولم يحتج إلى الفرقين المتقدمين.
(١) الأم (٣/ ١٣٣). (٢) فتح العزيز (٩/ ٣١٤). (٣) الحاوي الكبير (٥/ ١٢٢).