للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا مبالاة باتفاقهما على مسمى البيع؛ إذ لا اتفاق على استحقاق شيء معين، ولهذا المعنى لا يلزم صاحب "التتمة" القول بالتحالف هنا، وبين هاتين المرتبتين صورتان:

إحداها: أن يحصل الاتفاق على المعقود عليه دون خصوص العقد، كما إذا قال: بعتك هذه الجارية فقال: بل وهبتنيها، فلا تحالف على المشهور الذي ادعى الغزالي في "البسيط" الاتفاق عليه، وفيه وجه حكاه الغزالي في موضع آخر وغيره.

وقال صاحب "التتمة": إنه الصحيح التحالف. والتحقيق فيه: أنا إن قلنا: التحالف على خلاف القياس كما اختاره الإمام، فلا تحالف؛ لعدم اندراجهما تحت قوله في الحديث: "إِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ" (١).

وإن قلنا: التحالف على وفق القياس، كما اختاره أكثر الأصحاب ومنهم صاحب "التتمة"، فيحتمل أن يقال به في مسألة الاختلاف في البيع والهبة، كما قاله صاحب "التتمة"؛ جريًا على مقتضى المذهب، وإن كان الأصح عند الأكثرين خلافه، ويحتمل أن يقال: القياس لا يقتضي الجمع بين النفي والإثبات كما قدمته في أصل الباب، بل إنما يقتضي حلف كل منهما على النفي.

وأنا أميل إلى ذلك في أصل الباب كما تقدم، وحيث قيل به فالفارق بينه وبين هذه الصورة ما بيناه هنا من التقارب بين الرتبتين، ولو كان مطلق الاختلاف يوجب التحالف لأوجبه في المرتبة التي هي أعم، فعلمنا بذلك اشتراط التوافق، وهو مفقود ها هنا.

الصورة الثانية: أن يتفقا على بيع وثمن في الذمة، ويختلفا في عين


(١) أخرجه البيهقي في الكبرى (١٠٥٩١). وأخرجه أحمد (١/ ٤٦٦)، والنسائي (٤٦٤٩)، والدارقطني (٢٨٥٦ - ٢٨٥٧)، والحاكم (٢/ ٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>