وقال عنه التاج السبكي: "شيخ الإسلام أستاذ المتأخرين وحجة الله على اللاحقين والداعي إلى سبيل السالفين، وكان يحيى ﵀ سيدًا وحصورًا، وليثًا على النفس هصورًا، وزاهدًا لم يبال بخراب الدنيا، إذ صيَّر دينه ربعًا معمورًا، له الزهد والقناعة، ومتابعة السالفين من أهل السنة والجماعة، والمصابرة على أنواع الخير لا يصرف ساعة في غير طاعة، هذا مع التفنُّن في أصناف العلوم فقهًا، ومتون أحاديث وأسماء رجال، ولغةً وتصوفًا وغير ذلك.
وأنا إذا أردت أن أُجْمِل تفاصيل فضله، وأدل الخلق على مبلغ مقداره بمختصر القول وفَصْله، لم أزد على بيتين أنشدنيهما من لفظه لنفسه الشيخ الإمام وكان من حديثهما أنه (أعني الوالد ﵀) لما سكن في قاعة دار الحديث الأشرفية في سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة كان يخرج في الليل إلى إيوانها ليتهجد تجاه الأثر الشريف، ويمرغ وجهه على البساط وهذا البساط من زمان الأشرف الواقف وعليه اسمه، وكان النووي يجلس عليه وقت الدرس فأنشدني الوالد لنفسه: