وإن اختلفا لما وجد في يد المرتهن خمرًا فهي مسألة الكتاب التي نقلها المزني. ولاختلافهما صورتان؛ إحداهما: إذا قال الراهن: أقبضتكه عصيًرا، وقال المرتهن: أقبضتنيه خمرًا فقولان؛ أصحهما: أن القول قول الراهن.
والثانية: إذا قال المرتهن: رهنتكه عصيرًا، وقال المرتهن: رهنتنيه خمرًا فكذلك عند أكثر الأصحاب، وأبي إسحاق - وهو الصواب؛ لأن لفظ "مختصر المزني" و"الأم" على ما حكيناه يشهد بذلك، وقول ابن أبي هريرة: إن القول قول المرتهن قولًا واحدًا بعيد نقلًا وحِجَاجًا.
أما نقلًا: فلمخالفته التصوير الذي ذكره في المزني و"الأم". وأما حجاجًا؛ فلأنه ينبغي أن يكون كاختلافهما في الصحة والفساد في العقود، وممن صحّح أن الأصح من القولين قول الراهن كما صححه المصنف: الشيخ أبو حامد، والمحاملي، والبغوي (١)، والروياني (٢)، ونصر المقدسي، والشاشي، وصاحب "البيان"(٣)، والرافعي.
وخالفهم الماوردي: فصحح أن القول قول المرتهن (٤)، وهو قول أبي حنيفة (٥) والمزني، هذا في اختلافهما في القبض، وكذا في اختلافهما في الرهن عند الأكثرين وقال البغوي:"يبنى على أن فساد الرهن: هل يوجب فساد البيع؟ وفيه قولان؛ إن قلنا: يوجب فساده فالقول قول المرتهن مع يمينه؛ لأنه ينكر البيع، والأصل عدمه.
وإن قلنا: لا يوجب فساد البيع، فالقول قول من يكون على قولين" (٦).
(١) التهذيب (٤/ ٤٤). (٢) بحر المذهب (٥/ ٢٥١). (٣) البيان (٦/ ١٢٠). (٤) الحاوي الكبير (٦/ ١١٦). (٥) انظر: بحر المذهب (٥/ ٢٥٠). (٦) التهذيب (٤/ ٤٥).