بعد كلام الشافعي وهو الظاهر؛ فالصواب ما قاله الشافعي.
فإن قلتَ: كيف يدعي الراهن بما ليس له قبضه؟
قلت: كما يدعي من له بعض عين على غاصبها، فإنه يستحق رفع يده عنها، وإن كان لا يجوز للمدعي وضع يده عليها إلَّا بإذن شريكه هكذا هنا الراهن له حق الملك، ويستحق المدعى عليه التسليم بسببه، فيسلمه لمن يستحق قبضه.
فإن قلتَ: قد قال الشافعي في باب الجناية على العبد المرهون بما فيه قصاص: "وإن اختار أخذ قيمة عبده أخذه القاضي بأن يدفعه إلى المرتهن إن كان الرهن على يديه، أو من على يديه الرهن إلَّا أن يشاء أن يجعله قصاصًا من حق المرتهن عليه"(١). انتهى.
وهو يوافق ما قاله الروياني من أن الراهن يأخذ الأرش ويدفعه إلى المرتهن.
قلت: قد تأملته وظهر لي فيه احتمالان:
أحدهما: أن الشافعي لم يقل: وإن أخذه، وإنما قال: وإن اختار، فيحمل قوله يدفعه على أن يخلي بين المرتهن وبين قبضه من الجاني.
والثاني: هو أحسن أن هذا فيما إذا كان الواجب القصاص، فإذا أخذ القيمة والفرض أنه لم يعف قبل أخذه، فلا يمتنع عليه الأخذ؛ لأنه إلى الآن لم يتعلق حق المرتهن به، فإذا أخذ القيمة على سبيل المصالحة تعينت بقبضه للأرش، فيتعلق حق المرتهن وهي في يده، فيجب عليه حينئذ دفعها لمن كان الرهن في يده.