كما حكينا مثله عن الماوردي فيما إذا رهن جارية موطوءة، وألحقنا الولد به بإقراره بعد القبض، وما ذكرناه من الاقتصار على بيع البعض إذا وفَّى بالدين أمرٌ واجبٌ قاله الماوردي، قال:"فلو كان له غرماء يستحقون بقية ثمنها لم يجز أن يُباع الباقي منها - يعني: عند إمكان بيع بعضها وتوفيته بحق المرتهن - لأن ذلك القدر إنما بيع في دين المرتهن، وليس كذلك باقي غرمائه"(١)، ولو كان بعض الجارية لا يُشترى بحال.
قال أبو إسحاق المروزي:"يباع جميعها ويصير الدين، كأنه محيط بقيمتها، ثم يُقْضَى منه الدين، ويرد الباقي"؛ كذا حكاه الماوردي عنه (٢)، وسكت عليه، وأما الشيخ أبو حامد، فحكى عنه أنه: إذا لم يشتر كذلك يُباع الجميع، ثم قال: وهذا فيه نظر. وقوله:"وإن فكها من الرهن أو بيعت"، يقتضي التسوية بينهما كما قال بمثله في العتق، وقد تقدم كلام الرافعي في العتق، وأما هنا، فحكى الطريقين في البيع، وأظهرهما عنده: جريان القولين كما سبق، ثم قال:"ولو انفك عنها، ولم يتفق بعد نفذ الاستيلاد ومنهم من خرجه على الخلاف فيما إذا بيعت ثم عادت، وعلى الخلاف في نظيره في الإعتاق والمذهب: الأول، ويفارق ما إذا بيعت وعادت؛ لأن الملك هنا هو الملك الذي تصرف فيه، ويفارق الإعتاق لما سبق"(٣)، يعني: أن الإعتاق قول يقتضي العتق في الحال، فإذا رُدّ لغي بالكلية والاستيلاد فعل لا يمكن رده، وقد يرجح ما ذهب إليه الرافعي من تخصيص الخلاف بالبيع بأن المزني إنما تكلم فيه، ولم يتكلم في الفكاك، فكيف نقل المصنف عنه، وكلامه في الصورتين، ويعتذر عنه بأن علة
(١) الحاوي (٦/ ٥٤). (٢) المصدر السابق. (٣) فتح العزيز (٤/ ٤٩٠).