وقول المصنف:"كما قلنا فيمن غصب جارية، وأقامت في يده، ثم ماتت" إن أراد ثم ماتت في يده، فليس نظير مسألتنا، ونظيرها من مسألتنا: أن يغصبها الراهن من يد المرتهن أو العدل، ثم تموت في يده، وحينئذ يضمن الأقصى كغيره إذا غصب، وإن أراد إذا حبلت في يد الغاصب، ثم ردها إلى المالك وماتت في يده من الطلق، والمنقول في هذه المسألة أنه إن كان الإحبال من الغاصب عالمًا، فلا ضمان؛ لأنه ليس ولده وإن كان جاهلًا؛ ضمن في الأصح، ويأتي في حالة العلم وجه مادته ما سبق، ولكن الأصح عدم الضمان حالة العلم، ووجوبه حالة الجهل، وإذا قلنا بالضمان.
قال ابن الرفعة: فلا يتجه منها إلَّا ضمان أقصى القيم. انتهى.
وعلى هذا يصح قياس الوجه الثاني عليه، لكن تضمين الأقصى هنا لا يخلو عن احتمال؛ لأنه ليس ضمان غصب، وإنما هو ضمان جناية، وإذا عرفت هذا، فقول المصنف، وما قاله الثاني، لا يصح؛ لأن الغصب موجود من الأخذ إلى التلف يدل على أنه أراد المعنى الأول، وحينئذ لا يصح القياس، ويكون الرد صحيحًا، ولو أن صاحب الوجه الثاني حرَّر القياس على المعنى الثاني؛ كان القياس صحيحًا إذا ثبت له تضمين الأقصى، كما قاله ابن الرفعة، وحينئذ لا يتجه الرد عليه، وتوجيه المذهب إنما يتم بدفعه، ولا دافع له إلَّا أن يُقال: لا يضمن الأقصى كما أبديناه احتمالًا، أو يقال بأن اليد على المغصوبة كانت حقيقة، فتدوم إلى انقطاع أثرها، وحينئذ يجب فرض مسألة الرهن فيما إذا وطئها الراهن من غير غصب، فلو غصبها ووطئها كانت المسألة، ووجب الأقصى قطعًا، ويتأيد بهذا ما قدمناه في المبيعة تبعًا فاسدًا، وإنما لم تجرِ هذه الأوجه على القول بنفوذ الاستيلاد؛ لأنه إذا نفذ انفك الرهن، وما بعد الفكاك لا يتعلق به