نتخيل في ابتداء القبض غير ذلك، وقال الماوردي:"العدل نائب عن الراهن في حفظ الملك، وعن المرتهن في حفظ الرهن"(١)، وليس بين الكلامين اختلاف، فقد تواردا على أنه نائب عن المرتهن في الرهن، وهذا معنى قولنا: اليد في الرهن للمرتهن؛ ولا ينافي ذلك أن يد الملك للراهن، وهذا في الدوام، أما حقيقة القبض الذي به يلزم الرهن، فهو من المرتهن وحده، والعدل ينوب فيه عنه خاصة، والإقباض من الراهن يمكن أن يستنيب فيه أيضًا، لكن العدل الذي يجعل الرهن عنده لا يتصور أن يكون نائبًا في الإقباض، ولو كان العدل نائبًا في القبض عن الراهن لما صح القبض، كما قاله ابن أبي ليلى ومن وافقه (٢)، وقد احتج لهم بذلك، وأجيب بالمنع، وبأنه قد يكون قابضًا عنهما بجهتين مختلفتين ويصح.
فرع:
"يجوز للعدل تسليم الرهن إلى وكيلهما، ولو كانا غائبين، وأراد السفر ولا وكيل لهما، فحكم تسليمه إلى الحاكم حكم رد الوديعة"، هكذا قال الرافعي (٣)، وقال الجوري: إذا أراد العدل السفر، فأودع ضمن، والمودع إذا أراد السفر، فأودع مع القدرة على الحاكم، لا يضمن (٤)؛ لأن للحاكم مدخلًا في الرهن دون الوديعة.
* * *
(١) الحاوي الكبير (٦/ ١٥٠). (٢) انظر: بحر المذهب (٥/ ٢٥٩). (٣) فتح العزيز (٤/ ٤٩٩) بمعناه. (٤) في هامش المخطوطة: "حاشية: هذا وجهٌ، والمذهب أنه يضمن أيضًا، وكأنَّ الجوري يرى الفرق بين البابين، وله وجه به".