" أبو بكر البيهقي " إذ كان يقول: " أنبأني فلانٌ إجازةً ". وفيه أيضًا رعايةٌ لاصطلاح المتأخرين. والله أعلم.
وروينا عن " الحاكم أبي عبدالله الحافظ " - رحمه الله - أنه قال:" الذي أختارُه وعهدتُ عليه أكثرَ مشايخي وأئمة عصري، أن يقول فيما عَرَض على المحدِّث فأجاز له (١) روايتَه شفاهًا: أنبأني فلان، وفيما كتب إليه المحدِّثُ من مدينةٍ ولم يُشافهه بالإجازةِ: كتب إليَّ فلانٌ "(٢) وروينا عن " أبي عمرو بن أبي جعفر بن حمدان النيسابوري "[٤٨ / و] قال: " سمعتُ أبي يقول: كلُّ ما قال (٣) البخاري: قال لي فلان؛ فهو عَرْضٌ ومناولة ".
قال المملي - أبقاه الله -: وورد عن قوم ٍ من الرواة التعبيرُ عن الإجازةِ بقول: " أخبرنا فلانٌ أن فلانًا حدَّثه، أو أخبره ". وبلغنا ذلك عن الإمام " أبي سليمانَ الخَطَّابي " أنه اختاره أو حَكَاه، وهذا اصطلاحٌ بعيدٌ بعيدٌ (٤) عن الإِشعار بالإِجازةِ (٥)، وهو فيما إذا سمع منه الإِسنادَ فحسبُ وأجاز له ما وراءه، قريبٌ؛ فإن كلمة أنَّ في قوله:" أخبرني فلان أن فلانًا أخبره " فيها إشعارٌ بوجودِ أصل ِ الإِخبار، وإنْ أجمل المُخبَرَ به ولم يذكره تفصيلا.
قال المملي - أبقاه الله -: وكثيرًا ما يُعبر الرواةُ المتأخرونَ عن الإجازةِ الواقعة في رواية مَنْ فوق الشيخ ِ المُسَمِّع ِ، بكلمة " عن " فيقول أحدُهم إذا سمع على شيخ ٍ بإجازته عن شيخِه: " قرأتُ على فلانٍ عن فلانٍ " وذلك قريبٌ فيما إذا كان قد سمع منه بإجازته عن شيخِه، إن لم يكن سماعًا فإنه شاكٌّ. وحرفُ " عن " مشترَكٌ بين السماع ِ والإجازةِ صادقٌ عليهما. والله أعلم.
ثم اعلم أن المنعَ من إطلاق:" حدثنا وأخبرنا " في الإجازةِ، لا يزولُ بإباحةِ المجيز
(١) في (ص): [فأجاز روايته] وفي علوم الحاكم: فأجاز له؛ كما في (غ، ع). (٢) قوبل على علوم الحاكم (٢٦٠). (٣) رسمه في (غ): [كلما قال]. (٤) غير مكرر في (ع) مكرر في (غ، ص) وفوق [بعيد] الثانية منهما: صح في (غ). (٥) قال عياض: " وأنكر هذا بعضُهم، وحقه أن ينكر؛ فلا معنى له يُتفهم به المراد، ولا اعتيد هذا الوضع في المسألة لغة ولا عرفًا ولا اصطلاحًا ". الإلماع ١٢٩.