وقال الإمام ابن عبد البر - رحمه الله -: (وهذا حديث صحيح ثابت من جهة الإسناد، لا يختلف في ثبوته جماعةٌ من التابعين، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجوه أخرى من رواية الثقات الأئمة الأثبات)(١) .
وممن نصَّ على بلوغه مبلغ التواتر الإمامُ ابن كثير - رحمه الله -، فقال:(ومن كذَّب بهذا الحديث فمعانِد؛ لأنه متواتر عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. وناهيك به عدالةً، وحفظًا، وإتقانًا. ثم هو مرويٌّ عن غيره من الصحابة .. )(٢) .
وأَمَّا النَّظرُ الثَّاني: فإنَّ الحديثَ جارٍ على مقتضى الأُصُول الشرعية، ليس مخالفًا لشيءٍ منها؛ حتى قال الإمام ابن عبد البر - رحمه الله -: (هذا الحديث من أَوضح ما رُوِيَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في إثبات القدر ودفع قول القدرية)(٣) .
ووجه ما ذكره الحافظ ابن عبد البر - رحمه الله -: أنّ هذا الحديثَ قد انتظم معاقد الإيمان بالقدر، بدلالة المنطوق، والمفهوم.
فأما دلالته على هذه المعاقد بالمنطوق: فمن جهة أنه وقع التنصيص في الحديث على كتابة الله السابقة لمعصية آدم عليه السلام، ولِمَا ترتّب عليها من مصيبة الإخراج.
والمدلول عليه من هذه الأصول بدلالة المفهوم: تحقُّق العلمِ السَّابِق للكتابة. وأيضًا؛ فإن في لَوْم موسى لآدم عليهما السلام ما يُشعِر بدلالة المفهوم على الأمور التالية:
الأول: خلْقُ الله لهذه المعصية، ولِما انبنى عليها بعد ذلك من الإخراج. ولازم هذا الخلق، هو: