وفي لفظٍ لمسلم (١) تفرّد به: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (احتج آدم وموسى عليهما السلام عند ربهما. فحج آدم موسى، قال موسى: أنت آدم الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأَسْجَد لك ملائكته، وأسكنك في جنّتِهِ = ثُمَّ أَهبطت النَّاسَ بخطيئتك إلى الأرض. فقال آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته، وبكلامه، وأعطاك الألواح فيها تبيان كل شيء وقربك نجيًا، فبكم وجدتَ اللهَ كَتبَ التوراة قبل أن أُخلَق؟ قال موسى: بأربعين عامًا. قال آدم: فهل وجدت فيها: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} طه: ١٢١؟ قال: نعم. قال: أفتلومني على أنْ عملت عملًا كتبه الله عليَّ أن أَعمله قبل أن يخلقني بأربعين سنةً) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فحَجَّ آدمُ موسى) .
* **
تمهيد:
يتحرّر القول في هذا الحديث في نَظَرين:
النَّظَر الأول: في صحّة الحديث، وبلوغه حد التواتر.
النظر الثَّاني: في جريان ظاهره على مقتضى الأصول، وعدم مخالفته لها.
وضبطُ القولِ في النَّظرِ الأولِ، بأن يقال:
اتفق أَهل السنة والجماعة على صحة الحديث، وأنه لا مطعن فيه؛ لا من جهة إسناده، ولا من جهة متنه. وبارتقائه إلى درجة التواتر وإِفادةِ العلم= ينحسم الخوض في صحته.
وفي تقرير الصحّة يقول الإمام الدارمي - رحمه الله -: ( .. وهذه أَحاديث صِحَاح ثابتةٌ لا مَدْفع لها، ولهذا الحديث طُرُقٌ عن أبي هريرة.)(٢) .
(١) كتاب "القدر" باب "حجاج آدم وموسى عليهما السلام" (٤/ ٢٠٤٣ - رقم [٢٦٥٢]) . (٢) "الرد على الجهميَّة" (٧٠ - ٧١) .