وقولُه سبحانه: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ أي: ما أَسْمَعَهم، وأبصرهم يوم يرجعُون إلَيْنا، ويرَوْن ما نصنع بهم، لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ أَيْ: في الدنيا في ضَلالٍ مُبِينٍ أَيْ بيِّنٍ، وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ وهو يوم ذَبْحِ الموت قاله الجمهورُ.
وفي هذا حَدِيثٌ صحيحٌ خرجه البُخَاريُّ وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلّم: أَنَّ المَوْتَ يُجَاءُ بِهِ في صُورَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ، فَيُذْبَحُ عَلَى الصِّرَاطِ بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، ويُنَادِى: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، خُلُودٌ لاَ مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ، خُلُودٌ لاَ مَوْتَ، ثُمَّ قَرَأَ: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ ... «١»[الآية]«٢» .
قال ع «٣» : [وعند ذلك تُصِيب أَهلَ النار حسرةٌ لا حَسْرة مثلها.
وقال ابنُ زيد، وغيره: يَوْمَ الحَسْرَةِ] «٤» : هو يَوْمَ القِيَامَةِ «٥» .
قال ع «٦» : ويحتمل أَن يكونَ يوم الحسرة اسمُ جِنْسٍ شاملٌ لحسَرَاتٍ كَثِيرَةٍ بحسب مواطن الآخرة: منها يومَ مَوْتِ الإنسان، وأَخْذِ الكتاب بالشِّمال، وغير ذلك، وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ
يريد: في الدنيا.
(١) أخرجه البخاري (٨/ ٢٨٢) كتاب التفسير: باب وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ حديث (٤٧٣٠) ، ومسلم (٤/ ٢١٨٨- ٢١٨٩) كتاب الجنة والنار: باب النار يدخلها الجبارون، حديث (٤٠، ٤١/ ٢٨٤٩) ، والترمذي (٥/ ٣١٥- ٣١٦) كتاب التفسير: باب ومن سورة مريم، حديث (٣١٥٦) ، والنسائي في «الكبرى» (٦/ ٣٩٣) كتاب التفسير: باب قوله تعالى: وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ، حديث (١١٣١٦) ، وأحمد (٣/ ٩) ، وأبو يعلي (٢/ ٣٦٤) رقم (١١٢٠) ، والطبريّ في «تفسيره» (٨/ ٣٤٥) رقم (٢٣٧٣٣) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٤٨٩) ، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبان، وابن مردويه. وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة: أخرجه النسائي في «الكبرى» (٦/ ٣٩٣- ٣٩٤) كتاب التفسير: باب قوله تعالى وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ حديث (١١٣١٧) ، والطبريّ في «تفسيره» (٨/ ٣٤٥) رقم (٢٣٧٣٤) كلاهما من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة به. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٤٨٩) ، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه. (٢) سقط في ب. (٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ١٧) . (٤) سقط في ب. (٥) أخرجه الطبريّ (٨/ ٣٤٥) برقم (٢٣٧٣٧) ، وذكره ابن عطية (٤/ ١٧) ، وابن كثير (٣/ ١٢٢) . (٦) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ١٧) .