النبوة، وعليها خاف أَن تخرج عن عَقِبه، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلّم أَنه قال:«إنَّا- معَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ- لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة»«١» انتهى.
ت: وقوله: فَهَبْ لِي قال ابنُ مَالكٍ في «شرح الكافية» اللامُ هنا: هي لامُ التعدِيَة وقاله ولدُه في «شرح الخلاصة» .
قال ابنُ هشام: والأولى عندي أن يمثل للتعدية بنحو: ما أكرم زيداً لعمرو، وما أحبه لبكر، انتهى.
وقوله: مِنْ آلِ يَعْقُوبَ يريد يرث منهم الحكمة/ والعلم، والنبوة، ورَضِيًّا معناه: مرضيّا، والعاقر من النساء التي لا تلد من غير كبرة، وكذلك العاقرُ من الرجال.
وقوله: لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا معناه في اللغة: لم نجعل له مُشَارِكاً في هذا الاسم، أي: لم يسم به قبل يحيى، وهذا قول ابن عباس «٣» وغيره.
وقال مجاهدُ «٤» وغيره: سَمِيًّا معناه: مئيلا، ونظيرا، وفي هذا بعد: لأنه لا
(١) ينظر الحديث السابق. (٢) وبها قرأ عاصم الجحدري، وابن يعمر، وأبو حرب بن أبي الأسود، والحسن، وقتادة، وأبو نهيك، وجعفر بن محمد. قال أبو الفتح: هذا ضرب من العربية غريب، ومعناه التجريد، وذلك أنك تريد: فهب لي من لدنك وليّا يرثني منه أو به وارث من آل يعقوب. وهو الوارث نفسه، فكأنه جرد منه وارثا. ومثله قول الله تعالى: لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ [فصلت: ٢٨] ، فهي نفسها دار الخلد، فكأنه جرد من الدار دارا، وعليه قول الأخطل: [الطويل] بنزوة لصّ بعد ما مر مصعب ... بأشعث لا يفلى ولا هو يقمل ومصعب نفسه هو الأشعث، فكأنه استخلص منه أشعث. ا. هـ. ينظر: «المحتسب» (٢/ ٣٨) ، «ومختصر الشواذ» (٨٦) ، و «الكشاف» (٣/ ٥) ، «والمحرر الوجيز» (٤/ ٥) ، «والبحر المحيط» (٦/ ١٦٥) ، «والدر المصون» (٤/ ٤٩٢) ، (٣) ذكره ابن عطية (٤/ ٦) ، والسيوطي (٤/ ٤٦٨) وعزاه إلى الفريابي، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم عن ابن عباس. (٤) أخرجه الطبريّ (٨/ ٣٠٩) برقم: (٢٣٥٠٥) ، وذكره ابن عطية (٤/ ٦) ، وابن كثير (٣/ ١١٢) ، والسيوطي (٤/ ٤٦٨) .