ففرّق بينهما جماعة من أصحاب الغريب منهم أبو عبيد فقال: الضّرّ: ضدّ النفع والضرّ: البؤس كما قال: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ [الأنبياء: ٨٣] فعلى هذا يجب أن يكون الضرّ هنا أولى ولكن حكى النحويّون أنّ ضرّه ضرّا وضرّا جائز مثل شرب شربا وشربا.
سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي كلم الله «٢» جمع كلمة، وقول سيبويه «هذا باب علم ما الكلم من العربيّة» يريد به جمع كلمة يريد ثلاثة أنحاء من الكلام اسما وفعلا وحرفا. والكلام اسم للجنس، وقد أجاز بعض النحويين أن يكون الكلام بمعنى التكليم، وأجاز: سمعت كلام زيد عمرا. قال أبو جعفر: وحقيقة الفرق بين الكلام والتكليم أن الكلام قد يسمع بغير متكلّم به، والتكليم لا يسمع إلّا من متكلّم به. قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ وهو قوله جلّ وعزّ: وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا [التوبة: ٨٣] ثم قال جلّ ثناؤه بعد هذا قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ يقال: كيف تدعون إلى القتال، وقد قال وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا وردّ عليهم قولهم ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ؟ فالجواب عن هذا أنه إنما قال: لَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا وهؤلاء لم يدعوا في وقت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يدلك على ذلك أنّ بعده. وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ ويعضد هذا الجواب جماعة الحجّة أن أبا بكر وعمر رحمهما الله هما اللذان دعيا الأعراب إلى القتال، كما قال ابن عباس في قوله جلّ وعزّ: سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ قال: إلى بني حنيفة أصحاب مسيلمة، قال: ويقال إلى فارس
(١) انظر تيسير الداني ١٦٣، وكتاب السبعة لابن مجاهد ٦٠٤. (٢) انظر تيسير الداني ١٦٣.